قوله تعالى : { كَمَا يَقُولُونَ } : الكافُ في موضع نصبٍ ، وفيها وجهان :
أحدهما : أنها متعلقة بما تعلَّقت به " مع " من الاستقرار ، قاله الحوفيُّ .
والثاني : أنها نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ ، أي : كوناً كقولكم ؛ قاله أبو البقاء{[20445]} .
وقرأ{[20446]} ابن كثير وحفص " يقولون " بالياء من تحت ، والباقون بالتاء من فوق ، وكذا قوله بعد هذا { سُبْحَانَهُ وتعالى عَمَّا يَقُولُونَ } [ الإسراء : 43 ] ، قرأه بالخطاب الأخوان ، والباقون بالغيبة فتحصَّل من مجموع الأمر ؛ أنَّ ابن كثير وحفصاً يقرآنهما بالغيبة ، وأن الأخوين قرءوا بالخطاب فيهما ، وأن الباقين قرءوا بالغيبة في الأول ، وبالخطاب في الثاني .
فوجه قراءة الغيب فيهما أنه : حمل الأوَّل على قوله : { وَمَا يَزِيدُهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } [ الإسراء : 41 ] ، وحمل الثاني عليه ، ووجه الخطاب فيهما : أنه حمل الأوَّل على معنى : قل لهم يا محمد لو كان معه آلهةٌ كما تقولون ، وحمل الثاني عليه .
ووجه الغيب في الأول : أنه حمله على قوله " ومَا يَزِيدهُمْ " والثاني التفت فيه إلى خطابهم .
قوله : " إذَنْ " حرف جوابٍ وجزاءٍ ، قال الزمخشريُّ : وإذن دالَّة على أنَّ ما بعدها ، وهو " لابتَغَوا " جواب لمقالةِ المشركين ، وجزاءٌ ل " لَوْ " .
وأدغم أبو عمرٍو الشين في السين ، واستضعفها النحاة ؛ لقوَّة الشِّين .
المعنى : قل يا محمد لهؤلاء المشركين : { لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاَّبْتَغَوْاْ } لطلبوا - يعني الآلهة - { إلى ذِي العرش سَبِيلاً } بالمغالبة والقهر ؛ ليزيلوا ملكه ؛ كفعل ملوك الدنيا بعضهم ببعض ، وهذا يرجع إلى دليل التمانع ، وسيأتي - إن شاء الله تعالى - عند قوله - عزَّ وجلَّ - في سورة الأنبياء - صلوات الله عليهم - { لَوْ كَانَ فِيهِمَآ آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا } [ الأنبياء : 22 ] وقيل : المعنى : لطلبوا - يعني الآلهة - { إلى ذِي العرش سَبِيلاً } بالتقرُّب إليه ، لأنَّ الكفار كانوا يقولون : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى } [ الزمر : 3 ] .
فقال تعالى : لو كانت هذه الأصنام تقربكم إلى الله زلفى ، لطلبت لأنفسها أيضاً القرب إلى الله تعالى ، فكيف يعقل أن تقربكم إلى الله ،
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.