تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥٓ ءَالِهَةٞ كَمَا يَقُولُونَ إِذٗا لَّٱبۡتَغَوۡاْ إِلَىٰ ذِي ٱلۡعَرۡشِ سَبِيلٗا} (42)

الآية42 : وقوله تعالى : { قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا } قال عامة أهل التأويل : الآية في الأصنام والأوثان التي كانوا يعبدونها ، أي لو كانت هي آلهة معه كما تقولون { إذا لابتغوا } التقرب والزلفى{ إلى ذي العرش سبيلا } .

وقل بعضهم : لو كانت لهم عقول لابتغت ، وأمكن لها من الطاعة والعبادة ؛ إذا لابتغت { إلى ذي العرش سبيلا } بالطاعة له والعبادة ، وهو ما قال في الملائكة : { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة }الآية ( الإسراء : 57 ) .

لكن الأشبه أن يكون الله تعالى ألا يقول في الأصنام مثل هذا لو كان معه آلهة ، إنما هي خشب . لكن قال فيها ما قال : لا تسمع ، ولا تعقل ، ولا تبصر ، وما ذكر في آية أخرى : { لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا } ( مريم : 42 )

وما قال : { إن الذين تدعون{[10901]}من دون الله لن يخلقوا ذبابا } الآية( الحج : 73 )مثل هذا أن يقال في الأصنام .

وأما ما ذكر : { قل لو كان معه آلهة كما يقولون }{[10902]} الآية فمعلوم{[10903]} أنها ليست من أهل الابتغاء إلا أن يقال ما ذكر بعضهم ، أي لو كان الأصنام التي تعبدونها آلهة على ما تزعمون{ إذا لا تبتغوا إلا ذي العرش سبيلا } ويتخذونهم معبودا .

وأما{[10904]} في الثَنَوِيَّة الذين يقولون بالعدد الذي لهم تدبير ، أو الذين يقولون بقدم المعالم وأصوله فهو يخرج على وجوه .

فنقول ، والله أعلم : { قل لو كان معه آلهة كما يقولون } أي إذن لأظهروا دلالة ربوبيتهم وألوهيتهم بإنشاء{[10905]} الخلائق كما أظهر الله سبحانه ألوهيته بإنشاء الخلائق ، ولم يظهر ممن يدعون لهم ألوهيتة إنشاء شيء من ذلك . فدل أنه ليس هنالك إله غيره .

وقال بعضهم : { قل لو كان معه آلهة كما يقولون إذا لا تبتغوا إلى ذي العرش سبيلا }( أي صاروا كهو ){[10906]} يعني الله ، أي في الإنشاء والإفناء والتدبير ، ومنعوه عن إنفاذ الأمر له في خلقه ، والمشيئة له فيهم واتساق التدبير . فإن لم يكن ذلك منهم فإنه{[10907]} لا إله معه سواه ، ويكون كقوله : { وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق } الآية( المؤمنون : 91 ) .

وقال بعضهم : { قل لو كان معه آلهة كما } تزعمون{ إذا لا تبتغوا إلى ذي العرش سبيلا } في القهر والغلبة على ما عرف من عادة ملوك الأرض أنه يسعى كل منهم في غلبة غيره وقهر آخر ، ويناصبه ( العداء ){[10908]} كقوله : { وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض }( المؤمنون : 91 )أي غلب ، وقهر ، وناصب .

ويحتمل غير هذا وهو أن يمنع كل منهم أن يكون الله الواحد بالخلق دلالة ألوهيته وربوبيته وجهة الاستدلال له بذلك . فإذا لم يمنعوا ذلك دل أنه ( لا ){[10909]} ألوهية لسواه ، وهو الأول بعينه .

وقال بعض أهل التأويل : لعرفوا فضله ومرتبته عليهم ، ولابتغوا ما يقربهم إليه ، وقيل : ولا ابتغت الحوائج إليه . وهذا هو الذي ذكرناه بدءا من طلب الطاعة له .


[10901]:في الأصل و.م يدعون، وهي قراءة أبي عمر ويعقوب والحسن وغيرهم، انظر معجم القراءات القرآنية ح/4/196.
[10902]:في الأصل و.م: تقولون، وهي قراءة أبي عامر ونافع وأبي عمر وغيرهم انظر معجم القراءات القرآنية3/324.
[10903]:الفاء ساقطة من الأصل و.م.
[10904]:في الأصل و.م: أو.
[10905]:في الأصل و.م: بما أنشأ.
[10906]:في الأصل: إلى ما صاروا كهؤلاء، في م: أي صاروا كهؤلاء.
[10907]:الفاء ساقطو من الأصل و.م.
[10908]:ساقطة من الأصل و.م.
[10909]:من م، ساقطة من الأصل.