الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥٓ ءَالِهَةٞ كَمَا يَقُولُونَ إِذٗا لَّٱبۡتَغَوۡاْ إِلَىٰ ذِي ٱلۡعَرۡشِ سَبِيلٗا} (42)

وقوله سبحانه : { إِذًا لاَّبْتَغَوا إلى ذِي العرش سَبِيلاً } [ الإسراء : 42 ] .

قال سعيدُ بن جُبَيْر وغيره : معنى الكلام : لاَبْتَغَوا إِليه سبيلاً في إِفساد مُلْكِهِ ومُضَاهَاته في قُدْرته ، وعلى هذا : فالآية بيان للتمانُع ، وجاريةٌ مع قوله تعالى : { لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ الله لَفَسَدَتَا } [ الأنبياء : 22 ] .

قال ( ع ) : ونقتضب شيئاً من الدليل على أنه لا يجوزُ أَنْ يكونَ مَعَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالى إله غيره على ما قال أبو المَعَالي وغيره : أنا لو فَرَضَنا ، لفَرَضْنا أن يريد أحدهما تسكينَ جِسْمٍ والآخرُ تحريكَهُ ، ومستحيلٌ أن تنفذ الإِرادتانِ ومستحيلٌ ألاَّ تنفذَا جميعاً ، فيكون الجسْمُ لا متحِّركاً ، ولا ساكناً ، فإِن صحَّت إِرادة أحدهما دون الآخر ، فالذي لم تتمَّ إِرادته ليس بإله ، فإِن قيل : نفرضهما لا يختلفانِ ، قُلْنا : اختلافُهما جائزٌ غيرُ مُمْتَنعٍ عقلاً ، والجائز في حُكْمِ الواقعِ ، ودليلٌ آخر : أنَّه لو كان الاثنانِ ، لم يمتنعْ أنْ يكونوا ثلاثةً ، وكذلك ويتسلسل إِلى ما لا نهاية له ، ودليلٌ آخر : أنَّ الجزء الذي لا يتجزَّأُ من المخترعات لا تتعلَّق به إِلا قدرةٌ واحدةٌ لا يصحُّ فيها اشتراك ، والآخر كذلك دَأَباً ، فكل جزءٍ إنما يخترعه واحدٌ ، وهذه نبذة شرحُهَا بحَسَبِ التقصِّي يطولُ .