تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥٓ ءَالِهَةٞ كَمَا يَقُولُونَ إِذٗا لَّٱبۡتَغَوۡاْ إِلَىٰ ذِي ٱلۡعَرۡشِ سَبِيلٗا} (42)

ومن الأدلة على ذلك هذا الدليل العقلي الذي ذكره هنا فقال : { قُلْ } للمشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر : { لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ } أي : على موجب زعمهم وافترائهم { إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا } أي : لاتخذوا سبيلا إلى الله بعبادته والإنابة إليه والتقرب وابتغاء الوسيلة ، فكيف يجعل العبد الفقير الذي يرى شدة افتقاره لعبودية ربه إلها مع الله ؟ ! هل هذا إلا من أظلم الظلم وأسفه السفه ؟ " .

فعلى هذا المعنى تكون هذه الآية كقوله تعالى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ }

وكقوله تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ }

ويحتمل أن المعنى في قوله : { قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا } أي : لطلبوا السبيل وسعوا في مغالبة الله تعالى ، فإما أن يعلوا عليه فيكون من علا وقهر هو الرب الإله ، فأما وقد علموا أنهم يقرون أن آلهتهم التي يعبدون{[473]} من دون الله مقهورة مغلوبة ليس لها من الأمر شيء فلم اتخذوها وهي بهذه الحال ؟ فيكون هذا كقوله تعالى : { مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ }


[473]:- في ب: يدعون.