معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذَا رَأَيۡتَ ثَمَّ رَأَيۡتَ نَعِيمٗا وَمُلۡكٗا كَبِيرًا} (20)

{ وإذا رأيت ثم } أي إذا رأيت ببصرك ونظرت به ثم يعني في الجنة ، { رأيت نعيماً } لا يوصف ، { وملكاً كبيراً } وهو أن أدناهم منزلة ينظر إلى ملكه في مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه . وقال مقاتل والكلبي : هو أن رسول الله رب العزة من الملائكة لا يدخل عليه إلا بإذنه . وقيل : ملكاً لا زوال له .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا رَأَيۡتَ ثَمَّ رَأَيۡتَ نَعِيمٗا وَمُلۡكٗا كَبِيرًا} (20)

{ إِذَا رَأَيْتَهُمْ } منتشرين في خدمتهم { حَسِبْتَهُمْ } من حسنهم { لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا } وهذا من تمام لذة أهل الجنة ، أن يكون خدامهم الولدان المخلدون ، الذين تسر رؤيتهم ، ويدخلون على مساكنهم ، آمنين من تبعتهم ، ويأتونهم بما يدعون وتطلبه نفوسهم ، { وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ } أي : هناك في الجنة ، ورمقت ما هم فيه من النعيم{[1311]} { رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا } فتجد الواحد منهم ، عنده من القصور والمساكن والغرف المزينة المزخرفة ، ما لا يدركه الوصف ، ولديه من البساتين الزاهرة ، والثمار الدانية ، والفواكه اللذيذة ، والأنهار الجارية ، والرياض المعجبة ، والطيور المطربة [ المشجية ] ما يأخذ بالقلوب ، ويفرح النفوس .

وعنده من الزوجات . اللاتي هن في غاية الحسن والإحسان ، الجامعات لجمال الظاهر والباطن ، الخيرات الحسان ، ما يملأ القلب سرورا ، ولذة وحبورا ، وحوله من الولدان المخلدين ، والخدم المؤبدين ، ما به تحصل الراحة والطمأنينة ، وتتم لذة العيش ، وتكمل الغبطة .

ثم علاوة ذلك وأعظمه الفوز برؤية{[1312]}  الرب الرحيم ، وسماع خطابه ، ولذة قربه ، والابتهاج برضاه ، والخلود الدائم ، وتزايد ما هم فيه من النعيم كل وقت وحين ، فسبحان الملك المالك ، الحق المبين ، الذي لا تنفد خزائنه ، ولا يقل خيره ، فكما لا نهاية لأوصافه فلا نهاية لبره وإحسانه .


[1311]:- في ب: أي رمقت ما أهل الجنة عليه من النعيم الكامل.
[1312]:- في ب: برضا.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا رَأَيۡتَ ثَمَّ رَأَيۡتَ نَعِيمٗا وَمُلۡكٗا كَبِيرًا} (20)

وقوله : إذَا رأيْتَ ثمّ رأيْتَ نَعِيما يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : وإذا نظرت ببصرك يا محمد ، ورميت بطرفك فيما أعطيتُ هؤلاء الأبرار في الجنة من الكرامة . وعُني بقوله : ثَمّ الجنة رأيْتَ نَعِيما ، وذلك أن أدناهم منزلة من ينظر في مُلكه فيما قيل في مسيرة ألفي عام ، يُرى أقصاه ، كما يرى أدناه .

وقد اختلف أهل العربية في السبب الذي من أجله لم يذكر مفعول رأيت الأول ، فقال بعض نحويي البصرة : إنما فعل ذلك لأنه يريد رؤية لا تتعدى ، كما تقول : ظننت في الدار ، أخبر بمكان ظنه ، فأخبر بمكان رؤيته . وقال بعض نحويي الكوفة : إنما فعل ذلك لأن معناه : وإذا رأيت ما ثم رأيت نعيما قال : وصلح إضمار ما كما قيل : لقد تقطع بينكم ، يريد : ما بينكم قال : ويقال : إذا رأيت ثم يريد : إذا نظرت ثم ، أي إذا رميت ببصرك هناك رأيت نعيما .

وقوله : مُلْكا كَبِيرا يقول : ورأيت مع النعيم الذي ترى لهم ثَمّ مُلْكا كبيرا . وقيل : إن ذلك الملك الكبير : تسليم الملائكة عليهم ، واستئذانهم عليهم . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا مؤمل ، قال : حدثنا سفيان ، قال : ثني من سمع مجاهدا يقول : وَإذَا رأيْتَ ثَمّ رأيْتَ نَعِيما وَمُلْكا كَبِيرا قال : تسليم الملائكة .

قال : ثنا عبد الرحمن ، قال : سمعت سفيان يقول في قوله : مُلْكا كَبِيرا قال : بلغنا أنه تسليم الملائكة .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا الأشجعيّ ، في قوله : وَإذَا رأيْتَ ثَمّ رأيْتَ نَعِيما وَمُلْكا كَبِيرا قال : فسّرها سفيان قال : تستأذن الملائكة عليهم .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان وَإذَا رأيْتَ ثَمّ رأيْتَ نَعِيما وَمُلْكا كَبِيرا قال استئذان الملائكة عليهم .