روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَإِذَا رَأَيۡتَ ثَمَّ رَأَيۡتَ نَعِيمٗا وَمُلۡكٗا كَبِيرًا} (20)

{ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ } أي هناك يعني في الجنة وهو في موضع النصب على الظرف ورأيت منزل منزلة اللازم فيفيد العموم في المقام الخطابي فالمعنى أن بصرك أينما وقع في الجنة { رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً } عظيم القدر لا تحيط به عبارة وهو يشمل المحسوس والمعقول وقال عبد الله بن عمرو الكلبي عريضاً واسعاً يبصر أدناهم منزلة في الجنة في ملك مسيرة ألف عام يرى أقصاه كما يرى أدناه وذلك لما يعطى من حدة النظر أو هو من خصائص الجنة وقال مجاهد : هو استئذان الملائكة عليهم السلام فلا يدخلون عليهم إلا بإذن وقال الترمذي : وأظنه كما ظن أبو حيان الحكيم لا أبا عيسى المحدث صاحب الجامع هو ملك التكوين والمشيئة إذا أرادوا شيئاً كان وقيل هو النظر إلى الله عز وجل وقيل غير ذلك وقيل الملك الدائم الذي لا زوال له وزعم الفراء أن المعنى { وَإِذَا رَأَيْتَ ما { ثَمَّ رَأَيْتَ } الخ وخرج على أنه أراد أن ثم ظرف لمحذوف وقع صلة لموصول محذوف هو مفعول رأيت والتقدير { وَإِذَا رَأَيْتَ } مَا { ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً } الخ فحذف ما كما حذف في قوله تعالى : { لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ } [ الأنعام : 94 ] أي ما بينكم وتعقبه الزجاج ثم الزمخشري بأنه خطأ لأنه لا يجوز إسقاط الموصول وترك الصلة وأنت تعلم أن الكوفيين يجيزون ذلك ومنه قوله

: فمن يهجو رسول الله منكم *** ويمدحه وينصره سواء

أراد ومن يمدحه فحذف الموصول وأبقى صلته وقد يقال أن ذلك إنما يرد لو أراد أن الموصول مقدر أما لو أراد المعنى وأن الظرف يغني غناء المفعول به فهو كلام صحيح لأن الظرف والمرئي كليهما الجنة وقرأ حميد الأعرج ثم بضم الثاء حرف عطف وجواب إذا على هذا محذوف يقدر بنحو تحير فكرك أو بنحو رأيت عاملاً في نعيماً .