قوله : { ثَمَّ } هذا ظرفُ مكانٍ وهو مختصٌّ بالبُعْدِ . وفي انتصابِه هنا وجهان ، أظهرُهما : أنه منصوبٌ على الظرفِ . ومعفولُ الرؤيةِ غيرُ مذكورٍ ؛ لأنَّ القصد : وإذا صَدَرَتْ منك رؤيةٌ في ذلك المكانِ رَأَيْتَ كيتَ وكيتَ ، ف " رَأَيْتَ " الثاني جوابٌ ل " إذا " . وقال الفراء : " ثَمَّ " مفعولٌ به ل " رَأَيْتَ " . وقال الفراء أيضاً : " وإذا رَأَيْتَ تقديره : " ما ثَمَّ " ، ف " ما " مفعولٌ فحُذِفَتْ " ما " وقامت " ثَمَّ " مَقام " ما " . قال الزمخشري تابعا لأبي إسحاق : " ومَنْ قال : معناه " ما ثَمَّ " فقد أخطأ ؛ لأنَّ " ثَمَّ " صلةٌ ل " ما " ، ولا يجوزُ إسقاطُ الموصولِ وتَرْكُ الصلةِ " وفي هذا نظرٌ ؛ لأنَّ الكوفيين يُجَوِّزُون مثلَ هذا ، واستدلُّوا عليه بأبياتٍ وآياتٍ ، تقدَّم الكلامُ عليها مُسْتوفى في أوائل هذا الموضوع .
وقال ابن عطية : " وثَمَّ ظرفٌ . والعاملُ فيه " رَأَيْتَ " أو معناه ، والتقديرُ : رأيتَ ما ثَمَّ ، فحُذِفَتْ ما " . قال الشيخ : " وهو فاسِدٌ ؛ لأنَّه مِنْ حيثُ جَعَلَه معمولاً ل " رَأَيْتَ " لا يكونُ صلةً ل " ما " ؛ لأنَّ العاملَ فيه إذ ذاك محذوفٌ أي : ما استقرَّ ثَمَّ " . قلت : ويمكنُ أَنْ يُجاب عنه : بأنَّ قولَه : " أو معناه " هو القولُ بأنَّه صلةٌ لموصول ، فيكونان وجهَيْن لا وجهاً واحداً ، حتى يَلْزَمَهَ الفسادُ ، ولولا ذلك لكان قولُه : " أو معناه " لا معنى له . ويعني بمعناه أي : معنى الفعلِ مِنْ حيث الجملةُ ، وهو الاستقرارُ المقدَّرُ .
والعامَّةُ على فتحِ الثاءِ مِنْ " ثَمَّ " كما تقدَّم . وقرأ حميد الأعرج بضمِّها على أنَّها العاطَفَةُ ، وتكونُ قد عَطَفَتْ " رأَيْتَ " الثاني على الأول ، ويكون فعلُ الجوابِ محذوفاً ، ويكونُ فعلُ الجوابِ المحذوفِ هو الناصبَ لقولِه : " نعيماً " ، والتقدير : وإذا صَدَرَ منك رؤيةٌ ، ثم صَدَرَتْ رؤيةٌ/ أخرى رَأَيْتَ نعيماً ومُلْكاً . فَرَأَيْتَ هذا هو الجوابُ .
{ وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً }
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.