معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (21)

قوله تعالى : { وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون* ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر } أي : سوى العذاب الأكبر ، { لعلهم يرجعون } إلى الإيمان ، يعني : من بقي منهم بعد بدر وبعد القحط .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (21)

{ 21 } { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

أي : ولنذيقن الفاسقين المكذبين ، نموذجًا من العذاب الأدنى ، وهو عذاب البرزخ ، فنذيقهم طرفًا منه ، قبل أن يموتوا ، إما بعذاب بالقتل ونحوه ، كما جرى لأهل بدر من المشركين ، وإما عند الموت ، كما في قوله تعالى { وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ } ثم يكمل لهم العذاب الأدنى في برزخهم .

وهذه الآية من الأدلة على إثبات عذاب القبر ، ودلالتها ظاهرة ، فإنه قال : { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى } أي : بعض وجزء منه ، فدل على أن ثَمَّ عذابًا أدنى قبل العذاب الأكبر ، وهو عذاب النار .

ولما كانت الإذاقة من العذاب الأدنى في الدنيا ، قد لا يتصل بها الموت ، فأخبر تعالى أنه يذيقهم ذلك لعلهم يرجعون إليه ويتوبون من ذنوبهم كما قال تعالى : { ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (21)

{ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِّنَ العذاب الأدنى } أى الأهون والأقرب والأقل وهو عذاب الدنيا ، من طريق ما ننزله بهم من أمراض وأسقام ومصائب متنوعة .

{ دُونَ العذاب الأكبر } أى : الاشد والأعظم والأبقى ، وهو عذاب الآخرة .

{ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } عما هم فهي من شرك وكفر وفسوق وعصيان .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (21)

إخبار بأن لهم عذاباً آخر لا يبلغ مبلغ عذاب النار الموعودين به في الآخرة فتعين أن العذاب الأدنى عذاب الدنيا . والمقصود من هذا : التعريضُ بتهديدهم لأنهم يسمعون هذا الكلام أو يبلغ إليهم . وهذا إنذار بما لحقهم بعد نزول الآية وهو ما مُحنوا به من الجوع والخوف وكانوا في أمن منهما وما يصيبهم يوم بدر من القتل والأسر ويوم الفتح من الذل .

وجملة { لعلهم يرجعون } استئناف بياني لحكمة إذاقتهم العذاب الأدنى في الدنيا بأنه لرجاء رجوعهم ، أي رجوعهم عن الكفر بالإيمان . والمراد : رجوع من يمكن رجوعه وهم الأحياء منهم . وإسناد الرجوع إلى ضمير جميعهم باعتبار القبيلة والجماعة ، أي لعل جماعتهم ترجع . وكذلك كان فقد آمن كثير من الناس بعد يوم بدر وبخاصة بعد فتح مكة ، فصار من تحقق فيهم الرجوع المرجوّ مخصوصين من عموم { الذين فسقوا } في قوله تعالى : { وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها } الآية [ السجدة : 20 ] ، فبقي ذلك الوعيد للذين ماتوا على الشرك ، وهي مسألة الموافاة عند الأشعري .