ولما كان المؤمنون الآن يتمنون إصابتهم بشيء من الهوان قال تعالى : { ولنذيقنّهم من العذاب الأدنى } أي : عذاب الدنيا ، قال الحسن : هو مصائب الدنيا وأسقامها وقال عكرمة : الجوع بمكة تسع سنين أكلوا فيها الجيف والعظام والكلاب ، وقال ابن مسعود : هو القتل بالسيف يوم بدر { دون العذاب الأكبر } وهو عذاب الآخرة فإن عذاب الدنيا لا نسبة له إلى عذاب الآخرة ، فإن قيل : ما الحكمة في مقابلة الأدنى بالأكبر ، والأدنى إنما هو في مقابلة الأقصى والأكبر إنما هو في مقابلة الأصغر .
أجيب : بأنه حصل في عذاب الدنيا أمران : أحدهما : أنه قريب ، والآخر : أنه قليل صغير ، وحصل في عذاب الآخرة أيضاً أمران : أحدهما : أنه بعيد ، والآخر : أنه عظيم كبير ، لكن العرف في عذاب الدنيا هو أنه الذي يصلح للتخويف ، فإن العذاب الآجل وإن كان قليلاً فلا يحترز عنه بعض الناس أكثر مما يحترز من العذاب الشديد إذا كان آجلاً ، وكذا الثواب العاجل قد يرغب فيه بعض الناس ويستبعد الثواب العظيم الآجل .
وأما في عذاب الآخرة فالذي يصلح للتخويف به هو العظيم والكبير لا البعيد ؛ لما ذكر . فقال في عذاب الدنيا : العذاب الأدنى ليحترز العاقل ولو قال تعالى : ولنذيقنهم من العذاب الأصغر ما كان ليحترز عنه لصغره وعدم فهم كونه عاجلاً ، وقال في عذاب الآخرة : الأكبر لذلك المعنى ، ولو قال : من العذاب الأبعد الأقصى لما حصل التخويف به مثل ما يحصل بوصفه من الكبر { لعلهم يرجعون } إلى الإيمان أي : من بقي منهم بعد بدر ، فإن قيل : ما الحكمة في هذا الترجي وهو على الله تعالى محال ، أجيب بوجهين : أحدهما : معناه لنذيقنهم إذاقة الراجي كقوله تعالى { إنا نسيناكم } يعني تركناكم كما يترك الناسي حيث لا يلتفت إليه أصلاً كذلك هنا ، والثاني : نذيقنهم العذاب ، إذاقة يقول القائل : لعلهم يرجعون بسببه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.