قوله : { وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ العذاب الأدنى دُونَ العذاب الأكبر } قال أبيُّ بنُ كَعْبٍ والضَّحَّاكُ والحَسَنُ وإبْرَاهيمُ{[42892]} : العذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها{[42893]} وهو{[42894]} رواية الوَالبِيِّ{[42895]} عن ابن عباسٍ ، وقال عكرمة عنه : الحدود{[42896]} ، وقال مقاتل : الجوع{[42897]} سبع سنين بمكة حتى أكلوا الجيف والعظام والكلاب . وقال ابن مسعود{[42898]} : هو القتل بالسيف يوم بدر وهو قول قتادة والسدي . وأما العذاب الأكبر وهو عذاب الآخرة فإن عذاب الدنيا لا نسبة له إلى عذاب الآخرة{[42899]} .
فإن قيل : ما الحكمة في مقابلته «الأدنى » «بالأكبر » ، «والأدنى » إنما هو في مقابلة «الأقصى » «والأكبر » إنما هو مقابلة «الأصغر » ؟ .
فالجواب : أنه حصل{[42900]} في عذاب الدنيا أمران : أحدهما : أنه قريب والآخر : أنه قليل صغير ، وحصل{[42901]} في عذاب الآخرة أيضاً أمران ، أحدهما : أنه بعيد والآخر أنه عظيم كبيرٌ لكن العرف{[42902]} في عذاب الدنيا هو{[42903]} أنه الذي يصلح التخويف به فإن العذاب العاجل وإن كان قليلاً فلا يَحْتَرِزُ عنه بعض الناس أكثر مما يَحْتَرِزُ من{[42904]} العذاب الشديد إذا كان آجلاً ، وكذا الثواب العاجل قد يَرْغَبُ فيه بعض الناس ويستبعد الثوابَ العظيم الآجل .
وأما في عذاب الآخرة فالذي يصلح للتخويف هو العظيم والكبير ( لا ){[42905]} البعيد لِمَا بينا فقال في عذاب الدنيا الأدنى ليحترز العاقل{[42906]} عنه ولو قال : «وَلَنُذِيقَنَّهُمْ من العذاب الأصغر » ما كان يحترز عنه لصغره وعدم فَهْم كونه عاجلاً ، وقال في عذاب الآخرة الأكبر لذلك المعنى ولو قال : مِنَ العَذَابِ الأبعد الأقْصَى ( لما حصل ){[42907]} التخويف به مثل ما يحصل{[42908]} بوصفه بالكِبَر .
قوله : «لعلهم يرجعون » إلى الإيمان يعني مَنْ بَقِي منهم بعد «بدر » .
فإن قيل : ما الحكمة في هذا الترجي وهو على الله تعالى محال ؟ .
أحدهما : معناه لنذيقنهم إذاقة الراجين كقوله : «إنَّا نَسِينَاكُمْ » يعني تركناكم كما يترك الناس ( حيث لا يلتفت{[42909]} إليه ) أَصْلاً كَذلِكَ ههنا .
والثاني : نذيقهم العذاب إذاقة يقول القائل : لعلهم يرجعون بسببه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.