فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَدۡنَىٰ دُونَ ٱلۡعَذَابِ ٱلۡأَكۡبَرِ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (21)

{ وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى } وهو عذاب الدنيا ، قال الحسن ، وأبو العالية ، والضحاك ، والنخعي ، هو مصائب الدنيا وأسقامها ، وقيل : الحدود ، وقيل : القتل بالسيف يوم بدر ، وقيل سني الجوع بمكة سبع سنين ، حتى أكلوا فيها الجيف والعظام ، والكلاب . وقيل عذاب القبر . ولا مانع من الحمل على الجميع ، والذوق حسي ومعنوي .

{ دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ } وهو عذاب الآخرة { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } مما هم فيه من الشرك والمعاصي بسبب ما ينزل بهم من العذاب ، إلى الإيمان والطاعة ويتوبون عما كانوا فيه ، وفي هذا التعليل دليل على ضعف قول من قال : إن العذاب الأدنى هو عذاب القبر ، قال ابن مسعود : العذاب الأدنى يوم بدر ، والعذاب الأكبر يوم القيامة ، لعل من بقي منهم أن يتوب فيرجع ، وعنه قال : العذاب الأدنى سنون أصابتهم لعلهم يتوبون ، قال أبي بن كعب العذاب الأدنى مصائب الدنيا ، والروم والبطشة والدخان ، عنه قال : يوم بدر ، وقال ابن عباس : الحدود . قال الكرخي : وفي هذا الترجي وجهان : أحدهما معناه لنذيقنهم إذاقة الراجين ، كقوله : إنا نسيناكم يعني تركناكم كما يترك الناسي ، حيث لا يلتفت إليه أصلا فكذلك ههنا . والثاني نذيقهم العذاب إذاقة – يقول القائل إذا رآهم – لعلهم يرجعون بسببه انتهى .