قوله تعالى :{ قال عفريت من الجن } وهو المارد القوي ، قال وهب : اسمه كوذي ، وقيل : ذكوان ، قال ابن عباس : العفريت الداهية . وقال الضحاك : هو الخبيث . وقال الربيع : الغليظ ، قال الفراء : القوي الشديد ، وقيل : هو صخرة الجني ، وكان بمنزلة جبل يضع قدمه عند منتهى طرفه ، { أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك } أي : من مجلسك الذي تقضي فيه ، قال ابن عباس : وكان له كل غداة مجلس يقضي فيه إلى متسع النهار ، { وإني عليه } أي : على حمله ، { لقوي أمين } على ما فيه من الجواهر ، فقال سليمان : أريد أسرع من هذا .
{ قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ } والعفريت : هو القوي النشيط جدا : { أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ } والظاهر أن سليمان إذ ذاك في الشام فيكون بينه وبين سبأ نحو مسيرة أربعة أشهر شهران ذهابا وشهران إيابا ، ومع ذلك يقول هذا العفريت : أنا التزم بالمجيء به على كبره وثقله ، وبعده قبل أن تقوم من مجلسك الذي أنت فيه . والمعتاد من المجالس الطويلة أن تكون معظم الضحى نحو ثلث يوم هذا نهاية المعتاد ، وقد يكون دون ذلك أو أكثر ،
وبعد أن قال سليمان لجنده أيكم يأتينى بعرشها قبل أن يأتونى مسلمين ، رد عليه عفريت من الجن بقوله : { أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ } .
والعفريت : هو المارد القوى من الشياطين ، الذين سخرهم الله - تعالى - لخدمة سليمان وللقيام بأداء ما يكلفهم به . ويقال له : عفرين ، وعفريتة - بكسر العين وسكون الفاء - .
أى : قال عفريت من الجن لسليمان : أنا آتيك بعرش هذه الملكة ، قبل أن تقوم من مقامك ، أى : قبل أن تقوم من مجلسك هذا الذى فيه للقضاء بين الناس . او قبل أن تقف من جلوسك .
{ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ } أى : وإنى على حمله وإحضاره من تلك الأماكن البعيدة إليك ، لقوى على ذلك ، بحيث لا يثقل على حمله ، ولأمين على إحضاره دون أن يضيع منه شىء .
{ قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ } قال مجاهد : أي مارد من الجن .
قال شُعَيب الجبائي : وكان اسمه كوزن . وكذا قال محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن رومان . وكذا قال أيضا وهب بن منبه .
قال أبو صالح : وكان كأنه جبل .
{ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ } قال ابن عباس : يعني : قبل أن تقوم من مجلسك . وقال مجاهد : مقعدك ، وقال السدي ، وغيره : كان يجلس للناس للقضاء والحكومات وللطعام{[22047]} من أول النهار إلى أن تَزول الشمس .
{ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ } : قال ابن عباس : أي قوي على حمله ، أمين على ما فيه من الجوهر .
فقال سليمان ، عليه السلام : أريد أعجل من ذلك . ومن هاهنا يظهر أن النبي سليمان أراد بإحضار هذا السرير إظهار عظمة ما وهبه الله له من الملك ، وسَخَّر له من الجنود ، الذي لم يعطه أحد قبله ، ولا يكون لأحد من بعده . وليتخذ ذلك حجة على نبوته عند بلقيس وقومها ؛ لأن هذا خارق عظيم أن يأتي بعرشها كما هو من بلادها قبل أن يَقْدموا عليه . هذا وقد حجبته بالأغلاق والأقفال والحفظة . فلما قال سليمان : أريد أعجل من ذلك ،
وقوله : قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الجِنّ يقول تعالى ذكره : قال رئيس من الجنّ مارد قويّ . وللعرب فيه لغتان : عفريت ، وعفرية فمن قال : عفرية ، جمعه : عفاري ومن قال : عفريت ، جمعه : عفاريت . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : ثني حجاج ، قال : قال ابن جُرَيج ، قال مجاهد : قال عِفْرِيتٌ مِنَ الجِنّ قال : مارد من الجنّ أنا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قَتادة وغيره ، مثله .
حدثنا القاسم ، قال : حدثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن بعض أصحابه قالَ عِفْرِيتٌ قال : داهية .
قال : ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، قال : أخبرني وهب بن سليمان ، عن شعيب الجبائي قال : العفريت الذي ذكره الله اسمه : كوزن .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلم ، قَالَ عِفْرِيتٌ اسمه : كوزن .
وقوله : أنا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أنْ تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ يقول : أنا آتيك بعرشها قبل أن تقوم من مقعدك هذا . وكان فما ذُكر قاعدا للقضاء بين الناس ، فقال : أنا أتيك به قبل أن تقوم من مجلسك هذا الذي جلست فيه للحكم بين الناس . وذكر أنه كان يقعد إلى انتصاف النهار . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :
حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، مثله .
قال : ثنا الحسين ، قال : حدثنا أبو سفيان ، عن معمر ، عن قَتادة وغيره ، مثله ، قال : وكان يقضي قال : قبل أن تقوم من مجلسك الذي تقضي فيه .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق ، عن بعض أهل العلم ، عن وهب بن منبه أنا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أن تَقُومَ مِنْ مَقامِكَ يعني مجلسه .
وقوله وإنّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أمِينٌ على ما فيه من الجواهر ، ولا أخون فيه . وقد قيل : أمين على فرج المرأة . ذكر من قال ذلك :
حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله وإنّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أمِينٌ يقول : قويّ على حمله ، أمين على فرج هذه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.