معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

قوله تعالى : { وقالوا } أي : ويقولون إذا دخلوا الجنة : { الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن } والحزن واحد كالبخل والبخل ، قال ابن عباس : حزن النار . وقال قتادة : حزن الموت . وقال مقاتل : حزنوا لأنهم كانوا لا يدرون ما يصنع الله بهم . وقال عكرمة : حزن الذنوب والسيئات وخوف رد الطاعات . وقال القاسم : حزن زوال النعم وتقليب القلب ، وخوف العاقبة ، وقيل : حزن أهوال يوم القيامة . وقال الكلبي : ما كان يحزنهم في الدنيا من أمر يوم القيامة . وقال سعيد بن جبير : هم الخبز في الدنيا . وقيل : هم المعيشة . وقال الزجاج : أذهب الله عن أهل الجنة كل الأحزان ما كان منها لمعاش أو معاد .

أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن الضحاك الخطيب ، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الإسفرايني ، أنبأنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي ، أنبأنا أبو العباس أحمد بن محمد الترابي ، حدثنا يحيى بن عبد الحميد ، حدثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم ، وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ، ويقولون : ( الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) . { إن ربنا لغفور شكور* }

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

{ و } لما تم نعيمهم ، وكملت لذتهم { قَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ } وهذا يشمل كل حزن ، فلا حزن يعرض لهم بسبب نقص في جمالهم ، ولا في طعامهم وشرابهم ، ولا في لذاتهم ولا في أجسادهم ، ولا في دوام لبثهم ، فهم في نعيم ما يرون عليه مزيدا ، وهو في تزايد أبد الآباد .

{ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ } حيث غفر لنا الزلات { شَكُورٌ } حيث قبل منا الحسنات وضاعفها ، وأعطانا من فضله ما لم تبلغه أعمالنا ولا أمانينا ، فبمغفرته نجوا من كل مكروه ومرهوب ، وبشكره وفضله حصل لهم كل مرغوب محبوب .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

ثم حكى - سبحانه - ما يقولونه بعد فوزهم بهذا النعيم فقال : { وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن } .

والحزن : غم يعترى الإِنسان لخوفه من وال نعمة هو فيها . والمراد به هنا : جنس الحزن الشامل لجميع أحزان الدين والدنيا والآخرة .

أى : وقالوا عند دخولهم الجنات الدائمة ، وشعورهم بالأمان والسعاة والاطمئنان : الحمد لله الذى أذهب عنا جميع ما يحزننا من أمور الدنيا أو الآخرة .

{ إِنَّ رَبَّنَا } بفضله وكرمه { لَغَفُورٌ شَكُورٌ } أى : لواسع المغفرة لعباده ولكثير العطاء للمطيعين ، حيث أعطاهم الخيرات الوفيرة فى مقابل الأعمال القليلة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

27

( وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن ) . . والدنيا بما فيها من قلق على المصير ، ومعاناة للأمور تعد حزناً بالقياس إلى هذا النعيم المقيم . والقلق يوم الحشر على المصير مصدر حزن كبير . ( إن ربنا لغفور شكور ) . . غفر لنا وشكر لنا أعمالنا بما جازانا عليها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

{ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ } وهو الخوف من المحذور ، أزاحه عنا ، وأراحنا مما كنا نتخوفه ، ونحذره من هموم الدنيا والآخرة .

وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ليس على أهل " لا إله إلا الله " وحشة في قبورهم ولا في منشرهم ، وكأني بأهل " لا إله إلا الله " ينفضون التراب عن رؤوسهم ، ويقولون : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ } رواه ابن أبي حاتم من حديثه . {[24575]}

وقال{[24576]} الطبراني : حدثنا جعفر بن محمد الفريابي ، حدثنا يحيى بن موسى{[24577]} المروزي ، حدثنا سليمان بن عبد الله بن وهب الكوفي ، عن عبد العزيز بن حكيم ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس على أهل " لا إله إلا الله " وحشة في الموت ولا في قبورهم ولا في النشور . {[24578]} وكأني أنظر إليهم عند الصيحة ينفضون رؤوسهم من التراب ، يقولون : { الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ }{[24579]}

قال ابن عباس ، وغيره : غَفَر لهم الكثير{[24580]} من السيئات ، وشكر لهم اليسير من الحسنات .


[24575]:- (7) ورواه الطبراني في المعجم الأوسط برقم (4531) "مجمع البحرين" وابن عدي في الكامل (4/271) من طريق يحيى الحماني عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، به. وقال ابن عدي في ترجمة عبد الرحمن بن زيد : "أحاديثه غير محفوظة". وقال المنذري في الترغيب (2/416) : "في متنه نكارة".
[24576]:- في ت : وروى.
[24577]:- في هـ، ت، س، أ : "موسى بن يحيى" والصواب ما أثبتناه من الإكمال وتخريج الكشاف للزيلعي.
[24578]:- في س : "منشرهم".
[24579]:- (11) قال الهيثمي في المجمع (10/333) : "رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم". ورواه ابن عدي في الكامل (2/65) والبيهقي في البعث برقم (88) من طريق الحسن عن بهلول بن عبيد عن سلمة بن كهيل عن ابن عمر بنحوه، وقال البيهقي : "هذا مرسل عن سلمة بن كهيل وابن عمر، وبهلول تفرد به وليس بالقوي".
[24580]:- في أ : "الكبير".
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

وقوله : وَقالُوا الحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ اختلف أهل التأويل في الحَزَن الذي حمد الله على إذهابه عنهم هؤلاء القوم ، فقال بعضهم : ذلك الحزَن الذي كانوا فيه قبل دخولهم الجنة من خوف النار ، إذ كانوا خائفين أن يدخلوها . ذكر من قال ذلك :

حدثني قتادة بن سعيد بن قتادة السدوسيّ ، قال : حدثنا معاذ بن هشام صاحب الدستوائي ، قال : حدثنا أبي ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس ، في قوله : الحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ قال : حزن النار .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا ابن المبارك ، عن معمر ، عن يحيى بن المختار ، عن الحسن وَإذَا خاطَبَهُمُ الجاهِلُونَ قالُوا سَلاما قال : إن المؤمنين قوم ذُلُل ، ذلّت والله الأسماع والأبصار والجوارح ، حتى يحسبهم الجاهل مَرْضَى ، وما بالقوم مرض ، وإنهم لأصحة القلوب ، ولكن دخلهم من الخوف ما لم يدخل غيرهم ، ومنعهم من الدنيا علمهم بالاَخرة ، فقالوا : الحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ ، والحَزَن ، والله ما حزنهم حزن الدنيا ، ولا تعاظم في أنفسهم ما طلبوا به الجنة أبكاهم الخوف من النار ، وإنه من لا يتعزّ بعزاء الله يقطّع نفسه على الدنيا حسرات ، ومن لم ير لله عليه نعمة إلاّ في مطعم أو مشرب ، فقد قلّ علمه ، وحضر عذابه .

وقال آخرون : عُني به الموت . ذكر من قال ذلك :

حدثنا أبو كُرَيب ، قال : حدثنا ابن إدريس ، عن أبيه ، عن عطية ، في قوله : الحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ قال : الموت .

وقال آخرون : عُني به حزن الخبز . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن حفص ، يعني ابن حميد ، عن شمر ، قال : لما أدخل الله أهل الجنة الجنة ، قالوا الحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ قال : حزن الخبز .

وقال آخرون : عُني بذلك : الحَزَن من التعب الذي كانوا فيه في الدنيا . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَقالُوا الحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ قال : كانوا في الدنيا يعملون وينصَبون وهم في خوف ، أو يحزنون .

وقال آخرون : بل عُني بذلك الحزن الذي ينال الظالم لنفسه في موقف القيامة . ذكر من قال ذلك :

حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا أبو أحمد ، قال : حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، قال : ذكر أبو ثابت أن أبا الدرداء ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «أمّا الظّالِمُ لِنَفْسِهِ ، فَيُصِيبُهُ فِي ذَلكَ المَكانِ مِنَ الغَمّ والحَزَنِ ، فَذلكَ قَوْلُهُ : الحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ » .

وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال : إن الله تعالى ذكره أخبر عن هؤلاء القوم الذين أكرمهم بما أكرمهم به أنهم قالوا حين دخلوا الجنة الحَمْدُ لِلّهِ الّذِي أذْهَبَ عَنّا الحَزَنَ وخوف دخول النار من الحزن ، والجَزَع من الموت من الحزن ، والجزع من الحاجة إلى المطعم من الحزن ، ولم يخصص الله إذ أخبر عنهم أنهم حمدوه على إذهابه الحزن عنهم نوعا دون نوع ، بل أخبر عنهم أنهم عموا جميع أنوع الحزن بقولهم ذلك ، وكذلك ذلك ، لأن من دخل الجنة فلا حزن عليه بعد ذلك ، فحمدهم على إذهابه عنهم حميع معاني الحزن .

وقوله : إنّ رَبّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هذه الأصناف الذين أخبر أنه اصطفاهم من عباده عند دخولهم الجنة : إن ربنا لغفور لذنوب عباده الذين تابوا من ذنوبهم ، فساترها عليهم بعفوه لهم عنهم ، شكور لهم على طاعتهم إياه ، وصالح ما قدّموا في الدنيا من الأعمال . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة في قوله : إنّ رَبّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ لحسناتهم .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا يعقوب ، عن حفص ، عن شمر إنّ رَبّنا لَغَفُورٌ شَكُورٌ غفر لهم ما كان من ذنب ، وشكر لهم ما كان منهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

و { الحزن } في هذه الآية عام في جميع أنواع الأحزان ، وخصص المفسرون في هذا الموضع فقال أبو الدرداء : حزن أهوال القيامة وما يصيب هناك من ظلم نفسه من الغم والحزن ، وقال ابن عباس : حزن جهنم ، وقال عطية : حزن الموت ، وقال شهر : حزن معيشة الدنيا الخبز ونحوه ، وقال قتادة : حزن الدنيا في الخوف أن تتقبل أعمالهم ، وقيل غير هذا مما هو جزء من الحزن .

قال القاضي أبو محمد : ولا معنى لتخصيص شيء من هذه الأحزان ، لأن الحزن أجمع قد ذهب عنهم ، وقولهم { لغفور شكور } وصفوه تعالى بأنه يغفر الذنوب ويجازي على القليل من الأعمال الصالحة بالكثير من الثواب ، وهذا هو شكره لا رب سواه .