السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

{ وقالوا } أي : ويقولون عند دخولهم ، وعبر عنه بالماضي تحقيقاً له { الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن } قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : حزن النار ، وقال قتادة : حزن الموت وقال مقاتل : لأنهم كانوا لا يدرون ما يصنع بهم ، وقال عكرمة : حزن السيئات والذنوب وخوف رد الطاعات ، وقال القاسم : حزن زوال النعم وخوف العاقبة ، وقيل : حزن أهوال القيامة ، وقال الكلبي : ما كان يحزنهم في الدنيا من أمر يوم القيامة ، وقال سعيد بن جبير : الحزن في الدنيا ، وقيل : همّ المعيشة ، وقال الزجاج : أذهب الله تعالى عن أهل الجنة كل الأحزان ما كان منها لمعاش أو معاد أي : وهذا أولى الكل قال عليه الصلاة والسلام : «ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم ، وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون : «الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن » .

ثم قالوا { إن ربنا } أي : المحسن إلينا مع إساءتنا { لغفور } أي : محّاء للذنوب عيناً وأثراً للصنفين الأولين ولغيرهما من المذنبين { شكور } للصنف الثالث ولغيره من المطيعين .

تنبيه : ذكر الله تعالى عن هذه الثلاثة ثلاثة أمور كلها تفيد الكرامة ، الأول : قولهم { الحمد لله } فإن الحامد يثاب . الثاني : قولهم { ربنا } فإن الله تعالى إذا نودي بهذا اللفظ استجاب للمنادي ما لم يكن يطلب ما لا يجوز . الثالث : قولهم { غفور شكور } والغفور إشارة إلى ما غفر لهم في الآخرة بحمدهم في الدنيا ، والشكور إشارة إلى ما يعطيهم الله ويزيدهم بسبب حمدهم في الآخرة .