البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

وقرأ الجمهور : { الحزن } بفتحتين ؛ وقرىء : بضم الحاء وسكون الزاي ، ذكره جناح بن حبيش ، والحزن يعم جميع الأحزان ، وقد خص المفسرون هنا وأكثروا ، وينبغي أن يحمل ذلك على التمثيل لا على التعيين ، فقال أبو الدرداء : حزن : أهوال يوم القيامة ، وما يصيب هنالك من ظلم نفسه من الغم والحزن .

وقال سمرة بن جندب : معيشة الدنيا الخير ونحوه .

وقال قتادة : حزن الدنيا في الحوفة أن لا يتقبل أعمالهم .

وقال مقاتل : حزن الانتقال ، يقولونها إذا استقروا فيها .

وقال الكلبي : خوف الشيطان .

وقال ابن زيد : حزن : تظالم الآخرة ، والوقوف عن قبول الطاعات وردها ، وطول المكث على الصراط .

وقال القاسم بن محمد : حزن : زوال الغم وتقلب القلب وخوف العاقبة ، وقد أكثروا حتى قال بعضهم : كراء الدار ، ومعناه أنه يعم كل حزن من أحزان الدين والدنيا حتى هذا .

{ إن ربنا لغفور شكور } ، لغفور : فيه إشارة إلى دخول الظالم لنفسه الجنة ، وشكور : فيه إلى السابق وأنه كثير الحسنات .

والمقامة : هي أي الجنة ، لأنها دار إقامة دائماً لا يرحل عنها .

{ من فضله } : من عطائه .