اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

قوله تعالى : { وَقَالُواْ الحمد للَّهِ الذي أَذْهَبَ عَنَّا الحزن } قرأ العامة «الْحَزَنَ » بفتحتين وجَنَاحُ بني حُبَيْشٍ بضم الحاء وسكون الزاي{[45416]} . وتقدم من ذلك أول القصص{[45417]} والمعنى يقولون إذا دخلوا الجنة الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن والحَزَنُ والحُزْنُ واحد كالبَخَلِ والبُخْلِ ، قال ابن عباس : حزن النار . وقال قتادة : حزن الموت وقال مقاتل : لأنهم كانوا لا يدرون ما يصنع{[45418]} بهم . وقال عكرمة : حزن السيئات والذنوب وخوف ردِّ الطاعات وقال القاسم : حزن زوال النعم وخوف العاقبة . وقيل : حزن أهوال يوم القيامة . وقال الكلبي : ما كان يحزنهم في الدنيا من أمر يوم القيامة ، وقال سعيد بن جبير : الخبر في الدنيا . وقيل : هم المعيشة{[45419]} ، وقال الزجاج : أَذْهَبَ الله عن أهل الجنة كُلَّ الأحزان ما كان منها لمعاشٍ أو معادٍ{[45420]} . وقال - عليه ( الصلاة{[45421]} و ) السلام ) لَيْسَ عَلَى أهْلِ لاَ إليه إلاّ اللَّه وَحْشَةٌ في قُبُورِهمْ وَلاَ مَنْشَرِهِمْ{[45422]} وَكَأَنِّي بأَهِلِ لاَ إلَه إلاَّ اللَّهُ يَنْفُضُونَ{[45423]} التُّرابَ عَنْ رُؤُوسِهِمْ وَيَقولُون : الْحَمْدُ لِلَّهِ الِّذِي أَذْهَبَ عنّا الْحَزَنَ{[45424]} ثُمَّ قَالُوا : إنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ . ذكرالله عنهم أموراً كلها تفيد الكرامة : الأول ( أن ){[45425]} الحمد لله فإن الحامد مثاب . الثاني : قولهم : رَبَّنَا فإن اللَّهَ ( تعالى ) إذا نودي بهذا اللفظ استجاب للمنادى اللّهم إلا أن يكون المنادي يطلب ما لا يجوزُ . الثالث{[45426]} : قوله : غفور شكور . والغفور إشارة إلى ما غفر لهم في الآخرة بحَمْدهم في الدنيا ، والشكور إشارة إلى ما يعطيهم الله ويزيدهم بسبب حمدهم في الآخرة .


[45416]:ذكره ابن خالويه في المختصر 124 وذكرها الزمخشري في الكشاف بدون نسبة 3/310 وانظر: البحر المحيط 7/314 والدر المصون 4/483 .
[45417]:ويشير إلى قوله {ليكون لهم عدوا وحزنا} وهما لغتان والآية 8 منها .
[45418]:في ((ب)) صنع بالماضي .
[45419]:وانظر هذه الأقوال في معالم التنزيل للبغوي 5/304 ولباب التأويل للخازن 5/304 وزاد المسير 6/491 و 492 والجامع للقرطبي 14/351 والكشاف 3/310 .
[45420]:انظر: إعراب القرآن ومعانيه له 4/270 .
[45421]:سقط من ((ب)) .
[45422]:في ((ب)) حشرهم .
[45423]:في ((ب)) يفوضون . تحريف .
[45424]:أخرجه البغوي بسنده إلى ابن عمر . المرجع السابق .
[45425]:ما بين الأقواس ساقط من ((ب)).
[45426]:في ((ب)) الثالثة تأنيثا .