تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَقَالُواْ ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ ٱلَّذِيٓ أَذۡهَبَ عَنَّا ٱلۡحَزَنَۖ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٞ شَكُورٌ} (34)

الآية 34 وقوله تعالى : { وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن } قال بعضهم : إنما يقول هذا الظالم لنفسه { الذي ذُكر في قوله : { فمنهم ظالم لنفسه } ]{[17303]} إنهم يُحبسون على الصراط حبسا طويلا ، أو يحاسبون حسابا شديدا ، فيطول حزنهم بذلك ، ثم يُؤذن لهم بالدخول في الجنة . فعند ذلك [ يقولون ذلك ]{[17304]} ويحمدون ربهم على إذهاب ذلك الحزن عنهم .

وقال بعضهم : لا ، ولكن يقول كل مسلم إذا دخل الجنة لما يخاف كل مسلم في الدنيا ، ويحزن على تبعاته ومساوئه لما لا يدري إلى ماذا يكون مصيره ومرجعه ؟ وأين مقامه في الآخرة ؟ فلما أُدخل الجنة أمِن ما كان يخافه في الدنيا ، ويحزن عليه ، وسلم من تلك الأخطار ، حمِد ربه عند ذلك .

وقال بعضهم : ذلك الحمد إنما يكون منهم لمّا ذهب عنهم غمّ العيش والخبز الذي كان لهم في الدنيا ، إذ كل أحد يهتم لعيشه في الدنيا . فلما دخل الجنة ذهب ذلك عنه ، فعند ذلك يحمد ربه .

وقال بعضهم : يحمدون ربهم لما يأمنون الموت عند ذلك . وذُكر في الخبر ( أنه يُؤتى بالموت يوم القيامة على صورة كبش فيُذبح بين أيديهم ، فعند ذلك يأمنون الموت ) [ بنحوه البخاري 4730 ] والله أعلم .

وقوله تعالى : { إن ربنا لغفور شكور } لمساوئهم من غير أن كان منهم ما يستوجبون المغفرة { شكور } لحسناتهم حين{[17305]} قبِلها منهم ، وأعطاهم الثواب .

وقال أهل [ التأويل ]{[17306]} : { لغفور } لذنوبهم { شكور } يعطيهم الجزاء الجزيل بالعمل القليل .


[17303]:من م، ساقطة من الأصل.
[17304]:من م، ساقطة من الأصل.
[17305]:في الأصل وم: حيث.
[17306]:من م، ساقطة من الأصل.