معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

قال الله عز وجل : { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } أي : ما تأكل من لحومهم ودمائهم وعظامهم لا يعزب عن علمه شيء . قال السدي : هو الموت ، يقول : قد علمنا من يموت منهم ومن يبقى ، { وعندنا كتاب حفيظ } محفوظ من الشياطين ومن أن يدرس ويتغير وهو اللوح المحفوظ ، وقيل : حفيظ أي : حافظ لعدتهم وأسمائهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

الذي يعلم ما تنقص الأرض من أجسادهم مدة مقامهم في برزخهم ، وقد أحصى في كتابه الذي هو عنده محفوظ عن التغيير والتبديل ، كل ما يجري عليهم في حياتهم ، ومماتهم ، وهذا الاستدلال ، بكمال علمه ، وسعته التي لا يحيط بها إلا هو ، على قدرته على إحياء الموتى .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

وبعد هذا التصوير الأمين لحججهم وأقوالهم ، ساق - سبحانه - الرد الذى يدفع تلك الحجج والأقوال فقال : { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ الأرض مِنْهُمْ } .

أى : قد علمنا علما تاما دقيقا ما تأكله الأرض من أجسادهم بعد موتهم ، ومن علم ذلك لا يعجزه أن يعيدهم إلى الحياة مرة أخرى .

وقوله - سبحانه - : { وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } تأكيد وتقرير لما قبله .

أى : وعندنا بجانب علمنا الشامل الدقيق . كتاب حافظ لجميع أحوال العباد ، ومسجلة فيه أقوالهم ، والمراد بهذا الكتاب : اللوح المحفوظ .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

1

والتعقيب يعمق هذه اللمسة ويقوي وقعها ؛ وهو يصور الأرض تأكل منهم شيئا فشيئا :

( قد علمنا ما تنقص الأرض منهم ، وعندنا كتاب حفيظ ) . .

لكأنما التعبير يجسم حركة الأرض ويحييها وهي تذيب أجسادهم المغيبة فيها ، وتأكلها رويدا رويدا . ويصور أجسادهم وهي تتآكل باطراد وتبلى . ليقول : إن الله يعلم ما تأكله الأرض من أجسادهم ، وهو مسجل في كتاب حفيظ ؛ فهم لا يذهبون ضياعا إذا ماتوا وكانوا ترابا . أما إعادة الحياة إلى هذا التراب ، فقد حدثت من قبل ، وهي تحدث من حولهم في عمليات الإحياء المتجددة التي لا تنتهي .

وهكذا تتوالى اللمسات التي تذيب القلوب وترققها ، وتدعها حساسة متوفزة جيدة الاستقبال . وذلك قبل البدء في الهجوم على القضية ذاتها !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

قال الله تعالى رادًّا عليهم : { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ } أي : ما تأكل من أجسادهم في البلى ، نعلم ذلك ولا يخفى علينا أين تفرقت الأبدان ؟ وأين ذهبت ؟ وإلى أين صارت ؟ { وَعِنْدَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } أي : حافظ لذلك ، فالعلم شامل ، والكتاب أيضًا فيه كل الأشياء مضبوطة .

قال العوْفِي ، عن ابن عباس في قوله : { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ } أي : ما تأكل من لحومهم وأبشارهم ، وعظامهم وأشعارهم . وكذا قال مجاهد ، وقتادة ، والضحاك ، وغيرهم .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

وقوله : قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمُ يقول تعالى ذكره : قد علمنا ما تأكل الأرض من أجسامهم بعد مماتهم ، وعندنا كتاب بما تأكل الأرض وتفني من أجسامهم ، ولهم كتاب مكتوب مع علمنا بذلك ، حافظ لذلك كله ، وسماه الله تعالى حفيظا ، لأنه لا يدرس ما كتب فيه ، ولا يتغير ولا يتبدل . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ يقول : ما تأكل الأرض من لحومهم وأبشارهم وعظامهم وأشعارهم .

حدثني محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ قال : من عظامهم .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، في قوله : قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمُ يقول : ما تأكل الأرض منهم .

حدثنا ابن عبد الأعلى ، قال : حدثنا ابن ثور ، عن معمر ، عن قتادة قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ قال : يعني الموت ، يقول : من يموت منهم ، أو قال : ما تأكل الأرض منهم إذا ماتوا .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول ، قال الله قَدْ عَلِمْنا ما تَنْقُصُ الأرْضُ مِنْهُمْ يقول : ما أكلت الأرض منهم ونحن عالمون به ، وهم عندي مع علمي فيهم في كتاب حفيظ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قَدۡ عَلِمۡنَا مَا تَنقُصُ ٱلۡأَرۡضُ مِنۡهُمۡۖ وَعِندَنَا كِتَٰبٌ حَفِيظُۢ} (4)

و «الحفيظ » : الجامع الذي لم يفته شيء . وقال الرماني : { حفيظ } متبع أن يذهب ببلى ودروس ، وروي في الخبر الثابت : أن الأرض تأكل ابن آدم إلا عجب الذنب{[10513]} ، وهو عظم كالخرجلة ، فمنه يركب ابن آدم ، وحفظ ما تنقص الأرض إنما هو ليعود بعينه يوم القيامة ، وهذا هو «الحق » . وذهب بعض الأصوليين غلى أن الأجساد المبعثرة يجوز أن تكون غير هذه ، وهذا عندي خلاف لظاهر كتاب الله ولو كانت غيرها فكيف كانت تشهد الأيدي والأرجل على الكفرة إلى غير ذلك مما يقتضي أن أجساد الدنيا هي التي تعود . وقال ابن عباس ومجاهد والجمهور ، المعنى : ما تنقص من لحومهم وأبشارهم وعظامهم . وقال السدي معنى قوله : { قد علمنا ما تنقص الأرض منهم } أي ما يحصل في بطنها من موتاهم ، وهذا قول حسن مضمنه الوعيد .

وقال ابن عباس أيضاً في ما حكى الثعلبي ، ممعناه : قد علمنا ما تنقص أرض الإيمان من الكفرة الذين يدخلون في الإيمان ، وهذا قول أجنبي من المعنى الذي قبل وبعد .


[10513]:روى مسلم في صحيحه، وأبو داود، والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب، منه خُلق، ومنه يركب)، وهو عن أبي هريرة رضي الله عنه، وقد أورده الإمام السيوطي في (الجامع الصغير)، ورمز له بأنه صحيح. والعجب-بسكون الجيم-: العظم الذي في أسفل الصلب عند العجُز، وفي اللسان أنه ما انضم عليه الورِكان من أصل الذنب المغروز في مؤخر العَجُز.