{ 63 - 68 } { يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا * إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ * وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ * رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا }
أي : يستخبرك الناس عن الساعة ، استعجالاً لها ، وبعضهم ، تكذيبًا لوقوعها ، وتعجيزًا للذي أخبر بها . { قُلْ } لهم : { إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ } أي : لا يعلمها إلا اللّه ، فليس لي ، ولا لغيرى بها علم ، ومع هذا ، فلا{[728]} تستبطؤوها .
{ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا } ومجرد مجيء الساعة ، قرباً وبعدًا ، ليس تحته نتيجة ولا فائدة ، وإنما النتيجة والخسار ، والربح ، والشقا{[729]} والسعادة ، هل يستحق العبد العذاب ، أو يستحق الثواب ؟ فهذه سأخبركم بها ، وأصف لكم مستحقها .
ثم بين - سبحانه - أن وقت قيام الساعة لا يعلمه إلا هو فقال : { يَسْأَلُكَ الناس عَنِ الساعة قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ الله وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ الساعة تَكُونُ قَرِيباً } .
والسائلون هنا قيل : هم اليهود ، وسؤالهم عنها كان بقصد التعنت والإِساءة إلى النبى صلى الله عليه وسلم .
أى : يسألك اليهود وأشباههم فى الكفر والنفاق عن وقت قيام الساعة ، على سبيل التعنت والامتحان لك .
{ قُلْ } لهم - أيها الرسول الكريم - { إِنَّمَا } علم وقت قيامها عند الله - تعالى - وحده ، دون أى أحد سواه .
{ وَمَا يُدْرِيكَ } أى : وما يعلمك { لَعَلَّ الساعة تَكُونُ قَرِيباً } أى . لعل قيامها وحصولها يتحقق فى قوت قريب ، ولكن هذا الوقت مهما قرب لا يعلمه إلا علام الغيوب - سبحانه - .
ولقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يقول : " بعثت أنا والساعة كهاتين " ويشير إلى إصبعيه السبابة والوسطى .
( يسألك الناس عن الساعة . قل : إنما علمها عند الله . وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ) . .
وقد كانوا ما يفتأون يسألون النبي [ صلى الله عليه وسلم ] عن الساعة التي حدثهم عنها طويلا ؛ وخوفهم بها طويلا ؛ ووصف القرآن مشاهدها حتى لكأن قارئه يراها . يسألونه عن موعدها ؛ ويستعجلون هذا الموعد ؛ ويحمل هذا الاستعجال معنى الشك فيها ، أو التكذيب بها ، أو السخرية منها ، بحسب النفوس السائلة ، وقربها من الإيمان أو بعدها .
والساعة غيب قد اختص به الله سبحانه ، ولم يشأ أن يطلع عليه أحدا من خلقه جميعا ، بما فيهم الرسل والملائكة المقربون . وفي حديث حقيقة الإيمان والإسلام : عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال : حدثني أبي عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال : بينما نحن جلوس عند رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثوب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه وقال : يا محمد أخبرني عن الإسلام . فقال : " الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " . قال : صدقت ! فعجبنا له يسأله ويصدقه . قال : فأخبرني عن الإيمان . قال : " أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " . قال : صدقت ! قال : فأخبرني عن الإحسان . قال : " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك " . قال : فأخبرني عن الساعة . قال : " ما المسؤول عنها بأعلم من السائل . . " الخ . ثم قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] " فإنه جبريل عليه السلام أتاكم يعلمكم دينكم " .
فالمسؤول رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] والسائل - جبريل عليه السلام - كلاهما لا يعلم علم الساعة ( قل : إنما علمها عند الله ) . . على وجه الاختصاص والتفرد من دون عباد الله .
قدر الله هذا لحكمة يعلمها ، نلمح طرفا منها ، في ترك الناس على حذر من أمرها ، وفي توقع دائم لها ، وفي استعداد مستمر لفجأتها . ذلك لمن أراد الله له الخير ، وأودع قلبه التقوى . فأما الذين يغفلون عن الساعة ، ولا يعيشون في كل لحظة على أهبة للقائها ، فأولئك الذين يختانون أنفسهم ، ولا يقونها من النار . وقد بين الله لهم وحذرهم وأنذرهم ، وجعل الساعة غيبا مجهولا متوقعا في أية لحظة من لحظات الليل والنهار : ( وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا ) . .
يقول تعالى مخبرا لرسوله صلى الله عليه وسلم : أنه لا علم له بالساعة ، وإن سأله الناس عن ذلك . وأرشده أن يرد علمها إلى الله ، عز وجل ، كما قال له في سورة " الأعراف " ، وهي مكية وهذه مدنية ، فاستمر الحال في رَدّ علمها إلى الذي يقيمها ، لكن{[24054]} أخبره أنها قريبة بقوله : { وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا } ، كَمَا قَالَ : { اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَر } [ القمر : 1 ] ، وقال { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُون } [ الأنبياء : 1 ] ، وقال { أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ } [ النحل : 1 ] .
القول في تأويل قوله تعالى : { يَسْأَلُكَ النّاسُ عَنِ السّاعَةِ قُلْ إِنّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً } .
يقول تعالى ذكره : يَسْألُكَ النّاسُ يا محمد عَنِ السّاعَةِ متى هي قائمة ؟ قلْ لهم : إنما علم الساعة عنْدَ اللّهِ لا يعلم وقت قيامها غيره وَما يُدْرِيكَ لَعَلّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبا يقول : وما أشعرك يا محمد لعلّ قيام الساعة يكون منك قريبا ، قد قرب وقت قيامها ، ودنا حين مجيئها .
{ يسئلك الناس عن الساعة } عن وقت قيامها استهزاء وتعنتا أو امتحانا . { قل إنما علمها عند الله } لم يطلع عليه ملكا ولا نبيا . { وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا } شيئا قريبا أو تكون الساعة عن قريب وانتصابه على الظرف ، ويجوز أن يكون التذكير لأن { الساعة } في معنى اليوم ، وفيه تهديد للمستعجلين وإسكات للمتعنتين .
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت الساعة متى هي فلم يجب في ذلك بشيء ، ونزلت الآية آمرة بأن يرد العلم فيها إلى الله تعالى إذ هي من مفاتيح الغيب التي استأثر الله تعالى بعلمها ، ثم توعد العالم بقربها في قوله { وما يدريك } الآية ، أي فينبغي أن تحذر ، و { قريباً } ظرف لفظه واحد جمعاً ، وإفراداً ، ومذكراً ومؤنثاً ، ولو كان صفة للساعة لكان قريبة .
لما كان تهديد المنافقين بعذاب الدنيا يذكِّر بالخوض في عذاب الآخرة : خوض المكذبين الساخرين ، وخوضضِ المؤمنين الخائفين ، وأهلِ الكتاب ، أتبع ذلك بهذا .
فالجملة معترضة بين جملة { ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً } [ الأحزاب : 60 ] وبين جملة { إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً } [ الأحزاب : 64 ] لتكون تمهيداً لجملة { إن الله لعن الكافرين } .
وتكرر في القرآن ذكر سؤال الناس عن الساعة ، والسائلون أصناف :
منهم المكذبون بها وهم أكثر السائلين وسؤالهم تهكم واستدلال بإبطائها على عدم وجودها في أنظارهم السقيمة قال تعالى : { يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها } [ الشورى : 18 ] وهؤلاء هم الذين كثر في القرآن إسناد السؤال إليهم معبَّراً عنهم بضمير الغيبة كقوله : { يسألونك عن الساعة } [ الأعراف : 187 ] .
وصنف مؤمنون مصدقون بأنها واقعة لكنهم يسألون عن أحوالها وأهوالها ، وهؤلاء هم الذين في قوله تعالى : { والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق } [ الشورى : 18 ] .
وصنف مؤمنون يسألون عنها محبة لمعرفة المغيبات ، وهؤلاء نُهُوا عن الاشتغال بذلك كما في الحديث : « أن رجلاً سأل رسول الله : متى الساعة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم " ماذا أعددتَ لها ؟ فقال الرجل : والله يا رسول الله ما أعددتُ لها كبير صلاة ولا صوم سوى أنِّي أُحب الله ورسوله . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت مع من أحببت " . وصنف يسأل اختباراً للنبيء صلى الله عليه وسلم لعله يجيب بما يخالف ما في علمهم فيجعلونه حجة بينهم على انتفاء نبوءته ويعلنونه في دهمائهم ليقتلعوا من نفوسهم ما عسى أن يخالطها من النظر في صدق الدعوة المحمدية . وهؤلاء هم اليهود نظير سؤالهم عن أهل الكهف وعن الروح .
ف { الناس } هنا يعم جميع الناس وهو عموم عرفي ، أي جميع الناس الذين من شأنهم الاشتغال بالسؤال عنها إذ كثير من الناس يسأل عن ذلك . وأهل هذه الأصناف الأربعة موجودون بالمدينة حين نزول هذه الآية .
وتقدم الكلام على نظير هذه الآية في قوله تعالى : { يسألونك عن الساعة أيان مرساها } في سورة الأعراف ( 187 ) .
والخطاب في قوله : { وما يدريك } للرسول صلى الله عليه وسلم و { ما } استفهام مَا صْدَقُها شيء .
و { يدريك } من أدراه ، إذا أعلمه . والمعنى : أي شيء يجعل لك دراية . و { لعل الساعة تكون قريباً } مستأنفة لإنشاء رجاء .
و { لعل } معلقة فعل الإِدْراءِ عن العمل ، أي في المفعول الثاني والثالث وأما المفعول الأول فهو كاف الخطاب .
والمعنى : أيُّ شيء يدريك الساعَة بعيدةً أو قريبةً لعلها تكون قريباً ولعلها تكون بعيداً ، ففي الكلام احتباك .
والأظهر أن { قريباً } خبر { تكون } وأن فعل الكون ناقص وجيء بالخبر غير مقترن بعلامة التأنيث مع أنه محتمل لضمير المؤنث لفظاً ( فإن اسم الفاعل كالفعل في اقترانه بعلامة التأنيث إن كان متحملاً لضمير مؤنث لفظي ) فقيل : إنما لم يقترن بعلاقة التأنيث لأن ضمير الساعة جرى عليها بعد تأويلها بالشيء أو اليوم .
والذي اختاره جمع من المحققين مثل أبي عبيدة والزجاح وابن عطية أن { قريباً } في مثل هذه الآية ليس خبراً عن فعل الكون ولكنه ظرف له وهم يعنون أن فعل الكون تام وأن { قريباً } ظرف زمان لوقوعه . والتقدير : تقع في زمان قريب ، فيلزم لفظُ ( قريب ) الإِفراد والتذكيرَ على نية زمان أو وقت ، وقد يكون ظرف مكان كما ورد في ضده وهو لفظ ( بعيد ) في قوله :
وإن تمس ابنة السهمي منا *** بعيداً لا تكلمنا كلاماً
وقد أشار إلى جواز الوجهين في « الكشاف » . وهذان الوجهان وإن تأتَّيَا هنا لا يتأتيان في نحو قوله تعالى : { إن رحمة الله قريب من المحسنين } [ الأعراف : 56 ] .
ويقترن ( قريب ) و ( بعيد ) بعلامة التأنيث ونحوها من العلامات الفرعية عند إرادة التوصيف . وكل هذه اعتبارات من توسعهم في الكلام . وتقدم قوله تعالى : { إن رحمة اللَّه قريب من المحسنين } في الأعراف فضُمَّه إلى ما هنا .
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره:"يَسْألُكَ النّاسُ" يا محمد "عَنِ السّاعَةِ "متى هي قائمة؟ قلْ لهم: إنما علم الساعة "عنْدَ اللّهِ" لا يعلم وقت قيامها غيره،
"وَما يُدْرِيكَ لَعَلّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبا" يقول: وما أشعرك يا محمد لعلّ قيام الساعة يكون منك قريبا، قد قرب وقت قيامها، ودنا حين مجيئها.
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
{قل إنما علمها عند الله} فيه دلالة إثبات رسالة رسوله، لأنه حين سئل عنها، فوض أمرها وعلمها إلى الله على ما أمره به، ولو كان غير رسول الله لكان يجيبهم، علم أو لم يعلم على ما يفعله طلاب الرئاسة في الدنيا إذا سئلوا عن شيء قالوا شيئا، وإن لم يعلموه لأن ذلك أبقى للرئاسة لهم؛ فإن لم يفعل صلى الله عليه وسلم كما يفعل أصحاب الرئاسة بل قال {قل إنما علمها عند الله} دل أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ إليهم ما أمر بالتبليغ إليهم.
{وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا} هذا يخرج على الوعيد.
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
كان المشركون يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت قيام الساعة استعجالاً على سبيل الهزء، واليهود يسألونه امتحاناً؛ لأنّ الله تعالى عمى وقتها في التوراة وفي كل كتاب، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يجيبهم بأنه علم قد استأثر الله به، لم يطلع عليه ملكاً ولا نبياً، ثم بين لرسوله أنها قريبة الوقوع، تهديداً للمستعجلين وإسكاتاً للممتحنين.
{قَرِيبًا} شيئاً قريباً، أو لأن الساعة في معنى اليوم، أو في زمان قريب.
لما بين حالهم في الدنيا أنهم يلعنون ويهانون ويقتلون أراد أن يبين حالهم في الآخرة، فذكرهم بالقيامة وذكر ما يكون لهم فيها فقال: {يسألك الناس عن الساعة}.
{قل إنما علمها عند الله} لا يتبين لكم، فإن الله أخفاها لحكمة هي امتناع المكلف عن الاجتراء وخوفهم منها في كل وقت.
{وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا} يعني هي في علم الله فلا تستبطئوها فربما تقع عن قريب.
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
... "لعل الساعة "أي التي لا ساعة في الحقيقة غيرها لما لها من العجائب.
{تكون} أي توجد وتحدث على وجه مهول عجيب.
{قريباً} والمراد بالتعبير بلعل أنها بحيث يرجو قربها من يرجوه ويخشاه من يخشاه، فهل أعد من يخشاها شيئاً للمدافعة إذا جاءت أو النجاة منها إذا أقبلت؟
إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :
{وَمَا يُدْرِيكَ} خطابٌ مستقلٌّ له عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ غيرُ داخلٍ تحتَ الأمرِ، مسوقٌ لبيانِ أنَّها معَ كونِها غيرَ معلومةٍ للخلقِ مرجوَّة المجيءِ عن قريبٍ.
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :
مجرد مجيء الساعة، قرباً وبعدًا، ليس تحته نتيجة ولا فائدة، وإنما النتيجة والخسار، والربح والشقا والسعادة، هل يستحق العبد العذاب، أو يستحق الثواب؟ فهذه سأخبركم بها، وأصف لكم مستحقها.
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
وقد كانوا ما يفتأون يسألون النبي [صلى الله عليه وسلم] عن الساعة التي حدثهم عنها طويلا، وخوفهم بها طويلا، ووصف القرآن مشاهدها حتى لكأن قارئه يراها.
التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :
الجملة معترضة بين جملة {ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً} [الأحزاب: 60] وبين جملة {إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيراً} [الأحزاب: 64] لتكون تمهيداً لجملة {إن الله لعن الكافرين}.
وتكرر في القرآن ذكر سؤال الناس عن الساعة، والسائلون أصناف:
منهم المكذبون بها وهم أكثر السائلين وسؤالهم تهكم واستدلال بإبطائها على عدم وجودها في أنظارهم السقيمة قال تعالى: {يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها} [الشورى: 18] وهؤلاء هم الذين كثر في القرآن إسناد السؤال إليهم معبَّراً عنهم بضمير الغيبة كقوله: {يسألونك عن الساعة} [الأعراف: 187].
وصنف مؤمنون مصدقون بأنها واقعة لكنهم يسألون عن أحوالها وأهوالها، وهؤلاء هم الذين في قوله تعالى: {والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق} [الشورى: 18].
وصنف مؤمنون يسألون عنها محبة لمعرفة المغيبات، وهؤلاء نُهُوا عن الاشتغال بذلك كما في الحديث: « أن رجلاً سأل رسول الله: متى الساعة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "ماذا أعددتَ لها؟ فقال الرجل: والله يا رسول الله ما أعددتُ لها كبير صلاة ولا صوم، سوى أنِّي أُحب الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت مع من أحببت "ف {الناس} هنا يعم جميع الناس وهو عموم عرفي، أي جميع الناس الذين من شأنهم الاشتغال بالسؤال عنها إذ كثير من الناس يسأل عن ذلك.
{يدريك} من أدراه، إذا أعلمه، والمعنى: أي شيء يجعل لك دراية.
{لعل الساعة تكون قريباً} مستأنفة لإنشاء رجاء، و {لعل} معلقة فعل الإِدْراءِ عن العمل، أي في المفعول الثاني والثالث وأما المفعول الأول فهو كاف الخطاب، والمعنى: أيُّ شيء يدريك الساعَة بعيدةً أو قريبةً لعلها تكون قريباً ولعلها تكون بعيداً، ففي الكلام احتباك.
والأظهر أن {قريباً} خبر {تكون} وأن فعل الكون ناقص وجيء بالخبر غير مقترن بعلامة التأنيث مع أنه محتمل لضمير المؤنث لفظاً (فإن اسم الفاعل كالفعل في اقترانه بعلامة التأنيث إن كان متحملاً لضمير مؤنث لفظي) فقيل: إنما لم يقترن بعلاقة التأنيث لأن ضمير الساعة جرى عليها بعد تأويلها بالشيء أو اليوم.
والذي اختاره جمع من المحققين مثل أبي عبيدة والزجاح وابن عطية أن {قريباً} في مثل هذه الآية ليس خبراً عن فعل الكون ولكنه ظرف له، وهم يعنون أن فعل الكون تام وأن {قريباً} ظرف زمان لوقوعه، والتقدير: تقع في زمان قريب، فيلزم لفظُ