فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{يَسۡـَٔلُكَ ٱلنَّاسُ عَنِ ٱلسَّاعَةِۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ ٱللَّهِۚ وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا} (63)

{ الساعة } القيامة ، ومتى تكون ؟

{ يدريك } يعلمك .

{ يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا 63 إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا 64 خالدين فيها أبدا لا يجدون وليا ولا نصيرا 65 يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا66 وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا 67 ربنا آتيهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا 68 }

في السور المكية من أمثال سورتي الأعراف والنازعات بين القرآن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الساعة ، وأجاب بما أوحي إليه : )قل إنما علمها عند ربي . . ( {[3678]} ، ( إلى ربك منتهاها( {[3679]} ، وهنا في هذه السورة المدنية سئل عنها فأمر أن يجيب بما علمه الله- فاستمر الحال في رد علمها إلى الذي يقيمها ، لكن أخبره أنها قريبة- {[3680]} والسائلون : المشركون ، واليهود ، والمنافقون ، يسألون استهزاء بها ، واستبعادا لوقوعها .

{ الساعة } القيامة ، قد يراد بها يوم موت الخلائق ، وقد يراد بها يوم بعثهم ، هذا في الشرع ، أما في اللغة : فهي الجزء من الزمان ، والقدر الذي ينقسم الليل والنهار إلى أربعة وعشرين قسما منه ، كل قسم يعد ساعة ، والله تبارك وتعالى استأثر بعلم وقت القيامة )لا يجليها لوقتها إلا هو ثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة . . ( {[3681]} ، وما يعلمك فقد تأتي القيامة عما قليل ، وإنها لقريبة ، وصدق الله العظيم : )اقتربت الساعة . . ( {[3682]} )اقترب للناس حسابهم . . ( {[3683]} )أتى أمر الله فلا تستعجلوه . . ( {[3684]} . [ كان المشركون يسألونه صلى الله عليه وسلم عن ذلك استعجالا بطريق الاستهزاء ، والمنافقون تعنتا ، واليهود امتحانا . . ]{[3685]} ، وهكذا فالذين يئسوا من الآخرة ، وغرتهم الحياة الدنيا ، وقست قلوبهم ، وأبطرهم ترفهم يحسبون أن ما أوتوا من عرض زائل سيضمن الخلود لهم ، كصاحب الجنتين الذي قص القرآن علينا فتنته : )ودخل جنته وهو ظالم لنفسه قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا . وما أظن الساعة قائمة . . ( {[3686]} ، وذاك الهمزة اللمزة ) الذي جمع مالا وعدده . يحسب أن ماله أخلده . كلا . . ( {[3687]} ، ومهما متعوا فإن مصيرهم إلى النار ، ومأواهم جهنم وبئس المهاد ، وإن الله الحق المبين طردهم من رحمته ، وهيأ لهم دار التحسير والسعير ، واللهب والشرر المستطير ، يخلدون في اللظى ، مالهم من يمنعهم ، ولا من ناصر يخلصهم ويدفع عنهم ، وإنما لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش : )لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل . . ( {[3688]} )إنها عليهم مؤصدة . في عمد ممدة( {[3689]} تكوى جباههم وجنوبهم وظهورهم ) . . كلما خبت زدناهم سعيرا( {[3690]} .


[3678]:سورة الأعراف. من الآية 187.
[3679]:سورة النازعات. الآية 44.
[3680]:ما بين العارضتين من تفسير القرآن العظيم.
[3681]:سورة الأعراف. من الآية 87.
[3682]:أول سورة القمر.
[3683]:أول سورة الأنبياء.
[3684]:أول سورة النحل.
[3685]:ما بين العلامتين[ ] من روح المعاني.
[3686]:سورة الكهف. الآية 35، ومن الآية 36.
[3687]:سورة الهمزة. الآيتان:2، 3 ومن الآية 4.
[3688]:سورة الزمر. من الآية 16.
[3689]:سورة الهمزة. الآيتان:8، 9.
[3690]:سورة الإسراء. من الآية 97.