معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

قوله تعالى : { ولقد يسرنا } سهلنا ، { القرآن للذكر } ليتذكر ويعتبر به ، وقال سعيد ابن جبير : يسرناه للحفظ والقراءة ، وليس شيء من كتب الله يقرأ كله ظاهراً إلا القرآن ( فهل من مدكر ) متعظ بمواعظه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } أي : ولقد يسرنا وسهلنا هذا القرآن الكريم ، ألفاظه للحفظ والأداء ، ومعانيه للفهم والعلم ، لأنه أحسن الكلام لفظا ، وأصدقه معنى ، وأبينه تفسيرا ، فكل من أقبل عليه يسر الله عليه مطلوبه غاية التيسير ، وسهله عليه ، والذكر شامل لكل ما يتذكر به العاملون من الحلال والحرام ، وأحكام الأمر والنهي ، وأحكام الجزاء والمواعظ والعبر ، والعقائد النافعة والأخبار الصادقة ، ولهذا كان علم القرآن حفظا وتفسيرا ، أسهل العلوم ، وأجلها على الإطلاق ، وهو العلم النافع الذي إذا طلبه العبد أعين عليه ، قال بعض السلف عند هذه الآية : هل من طالب علم فيعان [ عليه ] ؟ ولهذا يدعو الله عباده إلى الإقبال عليه والتذكر بقوله : { فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

ثم بين - سبحانه - مظاهر فضله ورحمته على هذه الآمة ، حيث جعل كتابه ميسرا فى حفظه وفهمه ، فقال - تعالى - : { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } .

أى : والله لقد سهلنا القرآن { لِلذِّكْرِ } أى : للتذكر والحفظ ، بأن أنزلناه فصيحا فى ألفاظه ، بليغا فى تراكيبه ، واضحا فى معانيه ، سهل الحفظ لمن أراد أن يحفظه . . . فهل من معتبر ومتعظ ، بقصصه ، ووعده ، ووعيده ، وأمره ، ونهيه ؟

وقد وردت هذه الآية فى أعقاب قصة نوح وهود وصالح ولوط - عليهم السلام - ، لتأكيد مضمون ما سبق فى قوله - تعالى - : { وَلَقَدْ جَآءَهُم مِّنَ الأنبآء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النذر } وللتنبيه والإشعار بأن كل قصة من تلك القصص جديرة بإيجاب الاتعاظ ، وكافية فى الاعتبار والازدجار { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السمع وَهُوَ شَهِيدٌ } والمقصود بالآية الكريمة التحضيض على حفظ القرآن الكريم والاعتبار بمواعظه ، والعمل بما فيه من تشريعات حكيمة ، وآداب قويمة ، وهدايات سامية . .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

وهذا هو القرآن حاضرا ، سهل التناول ، ميسر الإدراك ، فيه جاذبية ليقرأ ويتدبر . فيه جاذبية الصدق والبساطة ، وموافقة الفطرة واستجاشة الطبع ، لا تنفد عجائبه ، ولا يخلق على كثرة الرد . وكلما تدبره القلب عاد منه بزاد جديد . وكلما صحبته النفس زادت له ألفة وبه أنسا :

( ولقد يسرنا القرآن للذكر ، فهل من مدكر ? ) . .

وهذا هو التعقيب الذي يتكرر ، بعد كل مشهد يصور . . ويقف السياق عنده بالقلب البشري يدعوه دعوة هادئة إلى التذكر والتدبر ، بعد أن يعرض عليه حلقة من العذاب الأليم الذي حل بالمكذبين .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ } أي : سهلنا لفظه ، ويسرنا معناه لمن أراده ، ليتذكر الناس . كما قال : { كِتَابٌ أَنزلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ {[27778]} أُولُو الألْبَابِ } [ ص : 29 ] ، وقال تعالى : { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْمًا لُدًّا } [ مريم : 97 ] .

قال مجاهد : { وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ } يعني : هَوّنّا قراءته .

وقال السدي : يسرنا تلاوته على الألسن .

وقال الضحاك عن ابن عباس : لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ، ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله ، عز وجل .

قلت : ومن تيسيره ، تعالى ، على الناس تلاوة القرآن ما تَقدّم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف " . وأوردنا الحديث بطرقه وألفاظه بما أغنى عن إعادته هاهنا ، ولله الحمد والمنة .

وقوله : { فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } أي : فهل من متذكر بهذا القرآن الذي قد يَسَّر الله حفظه ومعناه ؟

وقال محمد بن كعب القرظي : فهل من منزجر عن المعاصي ؟

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا الحسن بن رافع ، حدثنا ضَمْرَة {[27779]} ، عن ابن شَوْذَب ، عن مَطَر - هو الوراق - في قوله تعالى : { فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ } هل من طالب علم فَيُعَان عليه ؟

وكذا علقه البخاري بصيغة الجزم ، عن{[27780]} مطر الوراق و[ كذا ] {[27781]} رواه ابن جرير{[27782]} ، وروي عن قتادة مثله .


[27778]:- (2) في م: "ليذكر".
[27779]:- (3) في أ: "حمزة".
[27780]:- (4) في أ: "على".
[27781]:- (5) زيادة من م.
[27782]:- (6) تفسير الطبري (27/57).
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

وقوله : وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ يقول تعالى ذكره : ولقد سهّلنا القرآن ، بيّناه وفصّلناه للذكر ، لمن أراد أن يتذكر ويعتبر ويتعظ ، وهوّناه . كما :

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قوله : يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ قال : هوّناه .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ قال : يسّرنا : بيّنا .

وقوله : فَهَلْ مِنْ مُدّكِرْ يقول : فهل من معتبر متعظ يتذكر فيعتبر بما فيه من العبر والذكر .

وقد قال بعضهم في تأويل ذلك : هل من طالب علم أو خير فيُعان عليه ، وذلك قريب المعنى مما قلناه ، ولكنا اخترنا العبارة التي عبرناها في تأويله ، لأن ذلك هو الأغلب من معانيه على ظاهره . ذكر من قال ذلك :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدّكِر يقول : فهل من طالب خير يُعان عليه .

حدثنا الحسين بن عليّ الصّدَائيّ ، قال : حدثنا يعقوب ، قال : ثني الحارث بن عبيد الإياديّ ، قال : سمعت قتادة يقول في قول الله : فَهَلْ مِنْ مُدّكِرٍ قال : هل من طالب خير يُعان عليه .

حدثنا عليّ بن سهل ، قال : حدثنا ضمرة بن ربيعة أو أيوب بن سويد أو كلاهما ، عن ابن شَوْذَب ، عن مطر ، في قوله : وَلَقَدْ يَسّرْنا القُرْآنَ للذّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدّكِرٍ قال : هل من طالب علم فيعان عليه .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

{ ولقد يسرنا القرآن } سهلناه أو هيأناه من يسر ناقته للسفر إذا رحلها . { للذكر } للادكار والاتعاظ بأن صرفنا فيه أنواع المواعظ والعبر ، أو للحفظ بالاختصار وعذوبة اللفظ { فهل من مدكر } متعظ .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

و : { يسرنا القرآن } معناه : سهلناه وقربناه و «الذكر » : الحفظ عن ظهر قلب ، قال ابن جبير : لم يستظهر من كتب الله سوى القرآن .

قال القاضي أبو محمد : يسر بما فيه من حسن النظم وشرف المعاني فله لوطة{[10774]} بالقلوب ، وامتزاج بالعقول السليمة .

وقوله : { فهل من مدكر } استدعاء وحض على ذكره وحفظه لتكون زواجره وعلومه وهداياته حاضرة في النفس . قال مطرف في قوله تعالى : { فهل من مدكر } هل من طالب علم فيعان عليه .

قال القاضي أبو محمد : الآية تعديد نعمة في أن الله يسر الهدى ولا بخل من قبله ، فلله در من قبل وهدى . وقد تقدم تعليل : { مدكر } .


[10774]:يقال:"لاط بالقلب" بمعنى: لصق به مع محبة.