تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

الآية 17 وقوله تعالى : { ولقد يسّرنا القرآن للذِّكر فهل من مُدّكر } هذا يحتمل وجوها :

أحدها : { ولقد يسّرنا القرآن للذّكر } أي للحفظ ، أي صيّرناه بحيث يحفظه كل أحد من صغير وكبير وكافر ومؤمن ، وكل أحد يتكلّف حفظه .

والثاني : { ولقد يسّرنا القرآن للذّكر } أي لذِكر ما نُسوا من نعم الله تعالى عليهم ولذكر ما أنبأهم فيه من أخبار الأوائل من مُصدّقيهم ومكذّبيهم{[20181]} .

والثالث : جائز أن يكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصّة أي يسّرناه عليه حتى حفظه ، حتى إذا أراد أن يذكر شيئا منه يذكره في كل وقت وكل ساعة أراد كقوله تعالى : { لا تحرّك به لسانك لتعجل به } { إن علينا جَمعهُ وقُرآنه } [ القيامة : 16 و17 ] . وقوله تعالى : { نزل به الروح الأمين } { على قلبك } [ الشعراء : 193 و194 ] . وقوله تعالى : { سنُقرئك فلا تنسى } { إلا ما شاء الله } [ الأعلى : 6 و7 ] . أمّنه من أن ينساه ، ومنّ عليه بالتّيسير .

وقوله تعالى : { فهل من مُدّكر } على التأويل الأول ، والله أعلم ، أنه ، وإن يسّرنا القرآن للحفظ ، ولكن لم ينزله للحفظ ، ولكن إنما أنزله ليُذكَر ما فيه وللاتّعاظ به ، أي فهل من متّعظ به .

وعلى التأويل الآخر { فهل من مُدّكر } خُرّج مخرج الأمر ، أي اذكروا ، واتّعظوا بما فيه من الأنباء ، والله أعلم .


[20181]:في الأصل وم: مذكر.