البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

{ ولقد يسرنا } : أي سهلنا ، { القرآن للذكر } : أي للإذكار والاتعاظ ، لما تضمنه من الوعظ والوعد والوعيد .

{ فهل من مدكر } ، قال ابن زيد : من متعظ .

وقال قتادة : فهل من طالب خير ؟ وقال محمد بن كعب : فهل من مزدجر عن المعاصي ؟ وقيل : للذكر : للحفظ ، أي سهلناه للحفظ ، لما اشتمل عليه من حسن النظم وسلامة اللفظ ، وعروه عن الحشو وشرف المعاني وصحتها ، فله تعلق بالقلوب .

{ فهل من مدكر } : أي من طالب لحفظه ليعان عليه ، وتكون زواجره وعلومه حاضرة في النفس .

وقال ابن جبير : لم يستظهر شيء من الكتب الإلهية غير القرآن .

وقيل : يسرنا : هيأنا { القرآن للذكر } ، كقولهم : يسر ناقته للسفر إذا رحلها ، ويسر فرسه للغزو إذا أسرجه وألجمه ، قال الشاعر :

وقمت إليه باللجام ميسراً *** هنالك يجزيني الذي كنت أصنع