إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

{ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن } الخ جملةٌ قسميةٌ وردتْ في أواخرِ القصصِ الأربعِ تقريراً لمضمونِ ما سبقَ من قولِه تعالى : { وَلَقَدْ جَاءهُم مِنَ الأنباء مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بالغة فَمَا تُغْنِي النذر } [ سورة القمر ، الآيتان 4 ، 5 ] وتنبيهاً على أنَّ كلَّ قصةٍ منها مستقلةٌ بإيجابِ الإدكارِ كافيةٌ في الازدجارِ ومع ذلكَ لم تقعْ واحدةٌ في حيزِ الاعتبارِ ، أي وبالله لقد سهَّلَنا القرآنَ لقومِكَ بأنْ أنزلناهُ على لغتِهم وشحنَّاهُ بأنواعِ المواعظِ والعبرِ وصرَّفنا فيهِ من الوعيدِ والوعدِ { لِلذّكْرِ } أي للتذكرِ والاتعاظِ { فَهَلْ مِن مُدَّكِرٍ } إنكارٌ ونفيٌ للمتعظِ على أبلغِ وجهٍ وآكدِه حيثُ يدلُّ على أنَّه لا يقدرُ أحدٌ أنْ يجيبَ المستفهَم بنَعَمْ وحَملُ تيسيرِه على تسهيلِ حفظِه بجزالةِ نظمِه وعذوبِة ألفاظِه وعباراتِه مما لا يساعدُه المقامُ .