فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ يَسَّرۡنَا ٱلۡقُرۡءَانَ لِلذِّكۡرِ فَهَلۡ مِن مُّدَّكِرٖ} (17)

{ ولقد يسرنا القرآن للذكر } أي سهلناه للإدكار والاتعاظ ، بأن وشحناه بأنواع المواعظ والعبر الشافية ، وصرفنا فيه من الوعد والوعيد ، يحفظه الصغير والكبير ، والعربي والعجمي وغيرهم ، قال ابن عباس لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلموا بكلام الله .

وأخرج الديلمي . عن أنس مرفوعا مثله ، وقال سعيد بن جبير : يسرناه للحفظ والقراءة ، وليس شيء من كتب الله يقرأ كله ظاهرا إلا القرآن ، والجملة قسمية وردت في آخر القصص الأربع ، تقريرا لمضمون ما سبق ، وتنبيها على أن كل قصة منها مستقلة بإيجاب الادكار فيها ، كافية في الإزدحار ، ومع ذلك لم تقع واحدة في حيز الاعتبار ، أي : وتالله لقد سهلنا القرآن لقومك ، بأن أنزلناه على لغتهم .

{ فهل من مذكر ؟ } أي متعظ بمواعظه ، ومعتبر لعبره ، وطالب لحفظه ، فيعان عليه ، وقارئ يقرأه ، وطالب علم وخير ، وقال ابن عباس : هل من متذكر ؟ كرر هذا في هذه السورة للتنبيه والإفهام ، وقيل : إن الله تعالى اقتص في هذه السورة على هذه الأمة أنباء الأمم ، وقصص المرسلين ، وما عاملتهم به الأمم ، وما كان من عقبى أمورهم وأمور المرسلين ، فكان في كل قصة ونبأ ذكر للمستمع أن لو تذكر ، وإنما كرر هذه الآية عند كل قصة بقوله : فهل من مذكر ؟ لأن هل كلمة استفهام تستدعي أفهامهم التي ركبت في أجوافهم ، وجعلها حجة عليهم ، فاللام من هل للاستعراض ، والهاء للاستخراج ، وفي الآية الحث على درس القرآن ، والاستكثار من تلاوته ، والمسارعة في تعلمه .