معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَوَسۡوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيۡطَٰنُ لِيُبۡدِيَ لَهُمَا مَا وُۥرِيَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَٰتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَٰلِدِينَ} (20)

قوله تعالى : { فوسوس لهما الشيطان } ، أي : إليهما ، والوسوسة : حديث يلقيه الشيطان في قلب الإنسان .

قوله تعالى : { ليبدي لهما ما وري عنهما من سوآتهما } ، أي : ليظهر لهما ما غطي وستر عنهما من عوراتهما ، قيل : اللام فيه لام العاقبة ، وذلك أن إبليس لم يوسوس بهذا ولكن كان عاقبة أمرهم ذلك ، وهو ظهور عورتهما ، كقوله تعالى : { فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدواً وحزناً } [ القصص : 8 ] ثم بين الوسوسة فقال : { وقال } إبليس لآدم وحواء .

قوله تعالى : { ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين } ، يعني : إلا كراهية أن تكونا ملكين من الملائكة تعلمان الخير والشر .

قوله تعالى : { أو تكونا من الخالدين } ، من الباقين الذين لا يموتون ، كما قال في موضع آخر : { هل أدلك على شجرة الخلد } . [ طه :120 ] .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَوَسۡوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيۡطَٰنُ لِيُبۡدِيَ لَهُمَا مَا وُۥرِيَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَٰتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَٰلِدِينَ} (20)

فلم يزالا ممتثلين لأمر اللّه ، حتى تغلغل إليهما عدوهما إبليس بمكره ، فوسوس لهما وسوسة خدعهما بها ، وموه عليهما وقال : { مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ } أي : من جنس الملائكة { أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ } كما قال في الآية الأخرى : { هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى }

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{فَوَسۡوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيۡطَٰنُ لِيُبۡدِيَ لَهُمَا مَا وُۥرِيَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَٰتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَٰلِدِينَ} (20)

قوله - تعالى - : { فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشيطان } أى : ألقى إليهما إبليس الوسوسة ، والوسوسة في الأصل الصوت الخفى ، ومنه قيل لصوت الحلى . وسواس . والمراد بها هنا : الحديث الخفى الذي يلقيه الشيطان في قلب الإنسان ليقارف الذنب .

وقوله : { لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا } و { وُورِيَ } من المواراة وهى الستر .

والسوءة . فرج الرجل والمرأة ، من السوء . وسميت بذلك ، لأن انكشافها يسوء صاحبها . وقيل الكلام كناية عن إزالة الحرمة وإسقاط الجاه .

والمعنى : أن إبليس وسوس إلى آدم وحواء بأن يأكلا من الشجرة المحرمة لتكون عاقبة ذلك أن يظهر لهما ما ستر عنهما من عوراتهما ، وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر . وفى هذا التعبير تصريح بأن كشف العورة من أقبح الفواحش التي نهى الله - تعالى - عنها .

وقد حكى القرآن أن إبليس لم يكتف بالوسوسة ، وإنما خدعهما بقوله : { مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هذه الشجرة إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الخالدين } .

أى قال لهما : ما نهاكما عن الأكل من هذه الشجرة إلا كراهية أن تكونا مكلين أو تكونا من الخالدين الذين لا يموتون ويبقون في الجنة ساكنين .

وقوله : { إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ } استثناء مفرغ من المفعول لأجله بتقدير مضاف أو حذف حرف النفى ليكون علة . أى كراهية أن تكونا ملكين .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَوَسۡوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيۡطَٰنُ لِيُبۡدِيَ لَهُمَا مَا وُۥرِيَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَٰتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَٰلِدِينَ} (20)

والآن يبدأ إبليس يؤدي دوره الذي تمحض له . .

إن هذا الكائن المتفرد ؛ الذي كرمه الله كل هذا التكريم ؛ والذي أعلن ميلاده في الملأ الأعلى في ذلك الحفل المهيب ؛ والذي أسجد له الملائكة فسجدوا ؛ والذي أخرج بسببه إبليس من الجنة وطرده من الملأ الأعلى . . إن هذا الكائن مزدوج الطبيعة ؛ مستعد للاتجاهين على السواء . وفيه نقط ضعف معينة يقاد منها - ما لم يلتزم بأمر الله فيها - ومن هذه النقط تمكن إصابته ، ويمكن الدخول إليه . . إن له شهوات معينة . . ومن شهواته يمكن أن يقاد !

وراح إبليس يداعب هذه الشهوات :

( فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما ؛ وقال : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين ، أو تكونا من الخالدين ، وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ) . .

ووسوسة الشيطان لا ندري نحن كيف تتم ؛ لأننا لا ندري كنه الشيطان حتى ندرك كيفيات أفعاله ، وكذا اتصاله بالإنسان وكيفية إغوائه . ولكننا نعلم - بالخبر الصادق وهو وحده المصدر المعتمد عندنا عن هذا الغيب - أن إغواء على الشر يقع في صورة من الصور ؛ وإيحاء بارتكاب المحظور يتم في هيئة من الهيئات . وأن هذا الإيحاء وذلك الإغواء يعتمدان على نقط الضعف الفطرية في الإنسان . وأن هذا الضعف يمكن إتقاؤه بالإيمان والذكر ؛ حتى ما يكون للشيطان سلطان على المؤمن الذاكر ؛ وما يكون لكيده الضعيف حينئذ من تأثير . . وهكذا وسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما ووري عنهما من سوآتهما . . فهذا كان هدفه . . لقد كانت لهما سوآت ، ولكنها كانت مواراة عنهما لا يريانها - وسنعلم من السياق أنها سوآت حسية جسدية تحتاج إلى تغطية مادية ، فكأنها عوراتهما - ولكنه لم يكشف لهما هدفه بطبيعة الحال ! إنما جاءهما من ناحية رغائبهما العميقة :

( وقال : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين ) . .

بذلك داعب رغائب " الإنسان " الكامنة . . إنه يحب أن يكون خالداً لا يموت أو معمرا أجلا طويلاً كالخلود ! ويحب أن يكون له ملك غير محدد بالعمر القصير المحدد . .

وفي قراءة : ( ملكين ) بكسر اللام . وهذه القراءة يعضدها النص الآخر في سورة طه : هل أدلكما على شجرة الخلد وملك لا يبلى . . وعلى هذه القراءة يكون الإغراء بالملك الخالد والعمر الخالد وهما أقوى شهوتين في الإنسان بحيث يمكن أن يقال : إن الشهوة الجنسية ذاتها إن هي إلا وسيلة لتحقيق شهوة الخلود بالامتداد في النسل جيلاً بعد جيل - وعلى قراءة( ملكين )بفتح اللام يكون الإغراء بالخلاص من قيود الجسد كالملائكة مع الخلود . . ولكن القراءة الأولى - وإن لم تكن هي المشهورة - أكثر اتفاقاً مع النص القرآني الآخر ، ومع اتجاه الكيد الشيطاني وفق شهوات الإنسان الأصيلة .

/خ25

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَوَسۡوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيۡطَٰنُ لِيُبۡدِيَ لَهُمَا مَا وُۥرِيَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَٰتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَٰلِدِينَ} (20)

يذكر تعالى أنه أباح لآدم ، عليه السلام ، ولزوجته [ حواء ]{[11616]} الجنة أن يأكلا منها من جميع ثمارها إلا شجرة واحدة . وقد تقدم الكلام على ذلك في " سورة البقرة " ، فعند ذلك حسدهما الشيطان ، وسعى في المكر والخديعة والوسوسة ليُسلبا{[11617]} ما هما فيه من النعمة واللباس الحسن ، وقال كذبا وافتراء : ما نهاكما ربكما عن أكل{[11618]} الشجرة إلا لتكونا ملكين أي : لئلا تكونا ملكين ، أو خالدين هاهنا ولو أنكما أكلتما منها لحصل لكما ذلكما{[11619]} كقوله : { قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لا يَبْلَى } [ طه : 120 ] أي : لئلا تكونا ملكين ، كقوله : { يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا } [ النساء : 176 ] أي : لئلا تضلوا ، { وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ } [ النحل : 15 ] أي : لئلا تميد بكم .

وكان ابن عباس ويحيى بن أبي كثير يقرآن : { إِلا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ } بكسر اللام . وقرأه الجمهور بفتحها .


[11616]:زيادة من أ.
[11617]:في د: "ليسلبهما".
[11618]:في د، ك: "هذه".
[11619]:في أ: "ذلك".