السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَوَسۡوَسَ لَهُمَا ٱلشَّيۡطَٰنُ لِيُبۡدِيَ لَهُمَا مَا وُۥرِيَ عَنۡهُمَا مِن سَوۡءَٰتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَىٰكُمَا رَبُّكُمَا عَنۡ هَٰذِهِ ٱلشَّجَرَةِ إِلَّآ أَن تَكُونَا مَلَكَيۡنِ أَوۡ تَكُونَا مِنَ ٱلۡخَٰلِدِينَ} (20)

{ فوسوس لهما الشيطان } أي : إبليس بما مكنه الله تعالى منه من أنه يجري من الإنسان مجرى الدم ويلقي له في سره ما يميل به قلبه إلى ما يريد وهو أحقر وأذلّ من أن يكون له فعل وإنما الكل بيد الله سبحانه وتعالى وهو الذي جعله آلة لمراده منه ومنهم فإن { من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون } ( الأعراف ، 178 ) ثم بين علة الوسوسة بقوله تعالى : { ليبدي } أي : ليظهر { لهما ما ووري } أي : ستر وغطى { عنهما من سوآتهما } أي : عوراتهما وكانا لا يريانها من أنفسهما ولا أحدهما من الآخر وفيه دليل على أن كشف العورة في الخلوة وعند الزوجة من غير حاجة قبيح مستهجن في الطباع قالت عائشة رضي الله عنها : ( ما رأيت منه صلى الله عليه وسلم ولا رأى مني ) أي : الفرج .

{ وقال } أي : إبليس لآدم وحواء { ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة } أي : عن الأكل منها { إلا أنّ } أي : كراهة أن { تكونا ملكين } أي : في عدم الشهوة وفي القدرة على الطيران والتشكل وغير ذلك من خواصهم { أو تكونا من الخالدين } أي : الذين لا يموتون ولا يخرجون من الجنة أصلاً كما في آية أخرى ، { هل أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى } ( طه ، 120 ) .