أخرج ابن جرير عن محمد بن قيس قال : نهى الله آدم وحوّاء أن يأكلا من شجرة واحدة في الجنة ، فجاء الشيطان فدخل في جوف الحية ، فكلم حوّاء ووسوس إلى آدم فقال : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين ، فقطعت حوّاء الشجرة فدميت الشجرة وسقط عنهما رياشهما الذي كان عليهما { وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة ، وناداهما ربهما ألم أنهكما عن تلكما الشجرة وأقل لكما إن الشيطان لكما عدوّ مبين } ، لم أكلتها وقد نهيتك عنها ؟ قال : يا رب أطعمتني حواء . قال لحوّاء : لم أطعمتيه ؟ قالت : أمرتني الحية . قال للحية : لم أمرتها ؟ قالت : أمرني إبليس . قال : ملعون مدحور ، أما أنت يا حوّاء كما أدميت الشجرة تدمين في كل هلال ، وأما أنت يا حية فأقطع قوائمك فتمشين جراً على وجهك ، وسيشدخ رأسك من لقيك بالحجر ، اهبطوا بعضكم لبعض عدوّ .
وأخرج ابن المنذر عن أبي غنيم سعيد بن حدين الحضرمي قال : لما أسكن الله آدم وحوّاء الجنة خرج آدم يطوف في الجنة ، فاغتنم إبليس غيبته فأقبل حتى بلغ المكان الذي فيه حوّاء ، فصفر بقصبة معه صفيراً سمعته حواء ، وبينها وبينه سبعون قبة بعضها في جوف بعض ، فأشرفت حواء عليه فجعل يصفر صفيراً لم يسمع السامعون بمثله من اللذة والشهوة والسماع حتى ما بقي من حواء عضو مع آخر إلا تخلج ، فقالت : أنشدك بالله العظيم لما أقصرت عني فإنك قد أهلكتني ، فنزع القصبة ثم قلبها فصفر صفيراً آخر ، فجاش البكاء والنوح والحزن بشيء لم يسمع السامعون بمثله حتى قطع فؤادها بالحزن والبكاء ، فقالت : أنشدك بالله العظيم لما أقصرت عني ، ففعل فقالت له : ما هذا الذي جئت به ؟ أخذتني بأمر الفرح وأخذتني بأمر الحزن . قال : ذكرت منزلتكما من الجنة وكرامة الله إياكما ففرحت لكما بمكانكما ، وذكرت إنكما تخرجان منها فبكيت لكما وحزنت عليكما ، ألم يقل لكما ربكما متى تأكلان من هذه الشجرة تموتان وتخرجان منها ؟ انظري إليّ يا حواء ، فإذا أنا أكلتها فإن أنا مت أو تغير من خلقي شيء فلا تأكلا منها ، أقسم لكما بالله إني لكما من الناصحين . فانطلق إبليس حتى تناول من تلك الشجرة فأكل منها ، وجعل يقول : يا حواء انظري هل تغير من خلقي شيء أم هل مت قد أخبرتك ما أخبرتك . ثم أدبر منطلقاً .
وأقبل آدم من مكانه الذي كان يطوف به من الجنة فوجدها منكبة على وجهها حزينة ، فقال لها آدم : ما شأنك . . . ؟ ! قالت أتاني الناصح المشفق قال : ويحك . . . ! لعله إبليس الذي حذرناه الله ؟ قالت : يا آدم والله لقد مضى إلى الشجرة فأكل منها وأنا أنظر فما مات ولا تغير من جسده شيء ، فلم تزل به تدليه بالغرور حتى مضى آدم وحواء إلى الشجرة ، فأهوى آدم بيده إلى الثمرة ليأخذها ، فناداه جميع شجر الجنة : يا آدم لا تأكلها فإنك إن أكلتها تخرج منها ، فعزم آدم على المعصية فأخذ ليتناول الشجرة ، فجعلت الشجرة تتطاول ثم جعل يمدّ يده ليأخذها ، فلما وضع يده على الثمرة اشتدت ، فلما رأى الله منه العزم على المعصية أخذها وأكل منها ، وناول حواء فأكلت ، فسقط منها لباس الجمال الذي كان عليها في الجنة ، وبدت لهما سوءاتهما ، وابتدرا يستكنان بورق الجنة يخصفان عليهما من ورق الجنة ويعلم الله يُنظر أيهما .
فأقبل الرب في الجنة فقال : يا آدم أين أنت أخرج ؟ قال : يا رب أنا ذا أستحي أخرج إليك . قال : فلعلك أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها ؟ قال : يا رب هذه التي جعلتها معي أغوتني . قال : فمتى تختبىء يا آدم ؟ أو لم تعلم أن كل شيء لي يا آدم ، وأنه لا يخفى عليّ شيء في ظلمة ولا في نهار ؟ قال : فبعث إليهما ملائكة يدفعان في رقابهما حتى أخرجوهما من الجنة ، فأوقفا عريانين وإبليس معهما بين يدي الله ، فعند ذلك قضى عليهما وعلى إبليس ما قضى ، وعند ذلك أهبط إبليس معهما ، وتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه ، وأُهبطوا جميعاً .
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن وهب بن منبه في قوله { ليبدي لهما ما وُوريَ عنهما من سوءاتهما } قال : كان على كل واحد منهما نور لا يبصر كل واحد منهما عورة صاحبه ، فلما أصابا الخطيئة نزع منهما .
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : ليهتك لباسهما وكان قد علم أن لهما سوءة لما كان يقرأ من كتب الملائكة ، ولم يكن آدم يعلم ذلك ، وكان لباسهما الظفر .
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أتاهما إبليس قال : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين تكونا مثله يعني مثل الله عز وجل فلم يصدقاه حتى دخل في جوف الحية فكلمهما .
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ { إلا أن تكونا ملكين } بكسر اللام .
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أنه كان يقرأ { إلا أن تكونا ملكين } بنصب اللام من الملائكة .
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن في قوله { إلا أن تكونا ملكين } قال : ذكر تفضيل الملائكة فضلوا بالصور ، وفضلوا بالأجنحة ، وفضلوا بالكرامة .
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال : إن في الجنة شجرة لها غصنان أحدهما تطوف به الملائكة ، والآخر قوله { ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين } يعني الملائكة الذين يطوفون بذلك الغصن .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.