ثم سبب عن ذلك بيان حال الحاسد مع المحسودين فيما سأل الإنظار بسببه ، وأنه وقع على كثير من مراده واستغوى منه أمماً تجاوزوا الحد وقصر عنهم مدى العد ؛ ثم بين أنه أقل من أن يكون له فعل ، وأن الكل بيده سبحانه ، هو الذي جعله آلة لمراده منه ومنهم ، وأن [ من-{[32056]} ] يهد الله فهو المهتدي ، ومن يضلل فأولئك هم الخاسرون ، فقال : { فوسوس{[32057]} } أي ألقى في خفاء وتزيين وتكرير{[32058]} واشتهاء { لهما الشيطان } أي{[32059]} بما مكنه الله منه من أنه يجري من الإنسان مجرى الدم{[32060]} ويلقى له في خفاء ما يميل به قلبه إلى ما يريد ؛ ثم بين علة الوسوسة بقبوله : { ليبدي } أي يظهر { لهما ما وري } أي ستر وغطي بأن جعل كأنه وراءهما لا يلتفتان إليه { عنهما } والبناء للمفعول إشارة إلى أن الستر بشيء لا كلفة عليهما فيه كما يأتي في قوله ينزع عنهما لباسهما }[ الأعراف : 27 ] و { من سوءاتهما } أي المواضع التي يسوءهما انكشافها ، وفي ذلك أن إظهار السوءة موجب للعبد من الجنة وأن بينهما منفية الجمع{[32061]} وكمال التباين .
ولما أخبر بالوسوسة وطوى مضمونها مفهماً أنه أمر كبير وخداع طويل ، عطف عليه قوله : { وقال } أي في{[32062]} وسوسته أيضاً ، أي زين{[32063]} لهما ما حدث بسببه في خواطرهما هذا القول : { ما نهاكما } وذكرهما بوصف الإحسان تذكيراً بإكرامه لهما تجزئة لهما على ما يريد منهما فقال : { ربكما } أي المحسن إليكما بما تعرفانه من أنواع إحسانه { عن } أي ما جعل نهايتكما في{[32064]} الإباحة للجنة متجاوزة عن { هذه الشجرة } جمع بين الإشارة والاسم زيادة في الاعتناء بالتنصيص { إلا أن } أي كراهية أن { تكونا ملكين } أي في عدم الشهوة وفي القدرة على الطيران والتشكل وغير ذلك من خواصهم { أو تكونا } أي بما يصير لكما{[32065]} من الجبلة { من الخالدين* } أي الذين لا يموتون ولا يخرجون من الجنة أصلاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.