معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِينٗا} (61)

قوله تعالى : { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طيناً } أي : خلقته من طين أنا جئت به ، وذلك ما روي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن الله تعالى بعث إبليس حتى أخذ كفاً من تراب الأرض من عذبها وملحها ، فخلق منه آدم ، فمن خلقه من العذب فهو سعيد ، وإن كان ابن كافرين ، ومن خلقه من الملح فهو شقي وإن كان ابن نبي .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِينٗا} (61)

ينبه تبارك وتعالى عباده على شدة عداوة الشيطان وحرصه على إضلالهم وأنه لما خلق الله آدم استكبر عن السجود له و { قَالَ } متكبرا : { أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا } أي : من طين وبزعمه أنه خير منه لأنه خلق من نار . وقد تقدم فساد هذا القياس الباطل من عدة أوجه .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِينٗا} (61)

وقوله - سبحانه - : { وَإِذْ قُلْنَا للملائكة اسجدوا لأَدَمََ . . . } تذكير لبنى آدم بما جرى بين أبيهم وبين إبليس ، ليعتبروا ويتعظوا ، ويستمروا على عداوتهم لإِبليس وجنده .

أى : واذكروا - يا بنى آدم - وقت أن قلنا للملائكة { اسجدوا لآدم } سجود تحية وتكريم ، فسجدوا امتثالاً لأمر الله - تعالى - ، بدون تردد أو تلعثم ، { إلا إبليس } فإنه أبى السجود لآدم - عليه السلام - { وقال } بتكبر وعصيان لأمر ربه - عز وجل - : { أأسجد } وأنا المخلوق من نار { لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً } أى : أأسجد لمن خلقته من طين ، مع أننى أفضل منه .

والتعبير بقوله { فسجدوا } بفاء التعقيب ، يفيد أن سجودهم - عليهم السلام - كان فى أعقاب أمر الله - تعالى - لهم مباشرة ، بدون تأخير أو تسويف .

وقوله - تعالى - : { قال أأسجد . . . } استئناف بيانى ، فكأنه قيل : فماذا كان موقف إبليس من هذا الأمر ؟ فكان الجواب أن إبليس فسق عن أمر ربه وقال ما قال .

والاستفهام فى { أأسجد } للإِنكار والتعجب ، لأن يرى - لعنه الله - أنه أفضل من آدم .

وقوله : { طينا } منصوب بنزع الخافض أى : من طين .

وقد جاء التصريح بإباء إبليس عن السجود لآدم ، بأساليب متنوعة ، وفى آيات متعددة ، منها قوله - تعالى - : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسجدوا لأَدَمََ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أبى واستكبر وَكَانَ مِنَ الكافرين } وقوله - تعالى - : { فَسَجَدَ الملائكة كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلاَّ إِبْلِيسَ أبى أَن يَكُونَ مَعَ الساجدين }

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِينٗا} (61)

58

وفي ظل الرؤيا التي رآها الرسول [ ص ] واطلع فيها على ما اطلع من عوالم ، والشجرة الملعونة التي يطعم منها أتباع الشياطين . . يجيء مشهد إبليس الملعون ، يهدد ويتوعد بإغواء الضالين :

( وإذ قلنا للملائكة : اسجدوا لآدم . فسجدوا إلا إبليس . قال : أأسجد لمن خلقت طينا ? قال : أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا . قال : اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا . واستفزز من استطعت منهم بصوتك ، وأجلب عليهم بخيلك ورجلك ، وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم . وما يعدهم الشيطان إلا غرورا . إن عبادي ليس لك عليهم سلطان . وكفى بربك وكيلا ) . .

إن السياق يكشف عن الأسباب الأصيلة لضلال الضالين ، فيعرض هذا المشهد هنا ، ليحذر الناس وهم يطلعون على أسباب الغواية ، ويرون إبليس عدوهم وعدو أبيهم يتهددهم بها ، عن إصرار سابق قديم !

( وإذ قلنا للملائكة : اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال : أأسجد لمن خلقت طينا ? )

إنه حسد إبليس لآدم يجعله يذكر الطين ويغفل نفخة الله في هذا الطين !