تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِينٗا} (61)

{ وإذا قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا ( 61 ) قال أرأيتك هذا الذي كرمت عليّ لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا ( 62 ) قال اذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا ( 73 ) واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا ( 64 ) إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا 65 ) }

61

التفسير :

61- { وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا . . . } الآية .

{ وإذ قلنا للملائكة } حين خلقنا أباك آدم وفضلناه : { اسجدوا لآدم ؛ تحية وتكريما ؛ { فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا }{[422]} .

وفي سورة ص قال إبليس : { قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين } . ( ص : 76 ) .

قال الخطيب الشربيني :

فكفر بنسبته لنا إلى الجور متخيلا أنه أفضل من آدم- عليه السلام- من حيث إن الفروع ترجع إلى الأصول ، وأن النار التي هي أصله أكرم من الطين الذي هو أصل آدم ، وذهب عنه أن الطين أنفع من النار ، وعلى تقدير التنزل فالجواهر كلها من جنس واحد ، والله تعالى هو الذي أوجدنا من العدم ، يفضل بعضها على بعض بما يحدث فيها من الأعراض ، وقد ذكر الله تعالى هذه القصة في ست سور ، وهي : البقرة ، والأعراف ، والحجر ، وهذه السورة ، والكهف ، وطه . والكلام المستقصي فيها قد ورد في سورة البقرة ، ولعل هذه القصة إنما كررت ؛ تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم ؛ فإنه كان في محنة عظيمة من قومه وأهل زمانه ، فكأنه تعالى يقول : ألا ترى أن أول الأنبياء هو آدم- عليه السلام- ثم إنه كان في محنة شديدة من إبليس .

وأن الكبر والحسد كل منهم بلية عظيمة ومنة عظيمة للخلق{[423]} .


[422]:- {طينا} منصوب بنزع الخافض أي: من طين، قال النسفي: وهو تمييز أو حال من الموصول والعامل فيه أأسجد والمعنى: أأسجد له وهو طين أي: أصله طين.
[423]:- تفسير السراج المنير، في الإعانة على معرفة بعض معاني كلام ربنا الخبير الحكيم، للشيخ الإمام: محمد بن أحمد الخطيب الشربيني المتوفى سنة 977 هـ طبعة بولاق سنة 1299 هـ، ج 2 ص 303.