فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِذۡ قُلۡنَا لِلۡمَلَـٰٓئِكَةِ ٱسۡجُدُواْ لِأٓدَمَ فَسَجَدُوٓاْ إِلَّآ إِبۡلِيسَ قَالَ ءَأَسۡجُدُ لِمَنۡ خَلَقۡتَ طِينٗا} (61)

{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ ءَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا ( 61 ) } .

ولما ذكر سبحانه أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان في بلية عظيمة من قومه ومحنة شديدة أراد أن يبين أن جميع الأنبياء على نبينا وعليهم الصلاة والسلام كانوا كذلك حتى إن هذه عادة قديمة سنها إبليس اللعين مع أول الأنبياء ، وأيضا لما ذكر أن الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه ، ذكر ههنا ما يحقق ذلك فقال :

{ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ } هذه القصة التي ذكرها الله سبحانه في سبعة مواضع : في البقرة والأعراف والحجر وهذه السورة والكهف وطه وص وقد تقدم تفسيرها مبسوطا .

{ فَسَجَدُواْ إَلاَّ إِبْلِيسَ قَالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا } نصب بنزع الخافض ، أي من طين كما صرح به في الآية الأخرى : { وخلقته من طين } وذلك أن آدم خلق من تراب الأرض ؛ من عذبها وملحها ، فمن خلق من العذب فهو سعيد ومن خلق من الملح فهو شقي .

وقال الزجاج : منصوب على الحال أو التمييز وتبعه ابن عطية ، ولا يظهر ذلك إذ لم يتقدم إبهام ذات ولا نسبة .