معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِن تَدۡعُوهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ لَا يَتَّبِعُوكُمۡۚ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡ أَدَعَوۡتُمُوهُمۡ أَمۡ أَنتُمۡ صَٰمِتُونَ} (193)

ثم خاطب المؤمنين فقال : { وإن تدعوهم إلى الهدى } ، وإن تدعوا المشركين إلى الإسلام .

قوله تعالى : { لا يتبعوكم } ، قرأ نافع بالتخفيف ، { وكذلك يتبعهم الغاوون } [ الشعراء : 244 ] وقرأ الآخرون بالتشديد فيهما ، وهما لغتان ، يقال : تبعه تبعاً واتبعه اتباعاً . قوله تعالى : { سواء عليكم أدعوتموهم } ، إلى الدين .

قوله تعالى : { أم أنتم صامتون } ، عن دعائهم لا يؤمنون ، كما قال : { سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون } [ البقرة : 6 ] وقيل : { وإن تدعهم إلى الهدى } يعني : الأصنام ، { لا يتبعوكم } لأنها غير عاقلة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِن تَدۡعُوهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ لَا يَتَّبِعُوكُمۡۚ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡ أَدَعَوۡتُمُوهُمۡ أَمۡ أَنتُمۡ صَٰمِتُونَ} (193)

وإن تدعوا ، أيها المشركون هذه الأصنام ، التي عبدتم من دون اللّه إِلَى الْهُدَى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ .

فصار الإنسان أحسن حالة منها ، لأنها لا تسمع ، ولا تبصر ، ولا تهدِي ولا تُهدى ، وكل هذا إذا تصوره اللبيب العاقل تصورا مجردا ، جزم ببطلان إلهيتها ، وسفاهة من عبدها .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{وَإِن تَدۡعُوهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ لَا يَتَّبِعُوكُمۡۚ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡ أَدَعَوۡتُمُوهُمۡ أَمۡ أَنتُمۡ صَٰمِتُونَ} (193)

ثم بين - سبحانه - عجز الأصنام عما هو أدنى من النصر المنفى عنهم وأيسر وهو مجرد الدلالة على المطلوب من غير تحصيله للطالب فقال : { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الهدى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ } أى : وإن تدعو أيها المشركون هذه الأصنام إلى الهدى والرشاد لا يتبعوكم ، أى أنهم لا ينفعوكم بشىء ولا ينتفعون منكم بشىء .

وقوله { سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ } استئناف مقرر لمضمون ما قبله .

أى : مستو عندكم دعاؤكم إياهم وبقاؤكم على صمتكم ، فإنه لا يتغير حالكم في الحالين ، كما لا يتغير حالهم بحكم أنهم جماد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِن تَدۡعُوهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ لَا يَتَّبِعُوكُمۡۚ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡ أَدَعَوۡتُمُوهُمۡ أَمۡ أَنتُمۡ صَٰمِتُونَ} (193)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىَ لاَ يَتّبِعُوكُمْ سَوَآءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ } . .

يقول تعالى ذكره في وصفه وعيبه ما يشرك هؤلاء المشركون في عبادتهم ربهم إياه : ومن صفته أنكم أيها الناس إن تدعوهم إلى الطريق المستقيم ، والأمر الصحيح السديد لا يَتّبِعُوكُمْ لأنها ليست تعقل شيئا ، فتترك من الطرق ما كان عن القصد منعدلاً جائرا ، وتركب ما كان مستقيما سديدا . وإنما أراد الله جلّ ثناؤه بوصف آلهتهم بذلك من صفتها تنبيههم على عظيم خطئهم ، وقُبح اختيارهم ، يقول جلّ ثناؤه : فكيف يهديكم إلى الرشاد من إن دعي إلى الرشاد وعرفه لم يعرفه ، ولم يفهم رشادا من ضلال ، وكان سواءً دعاء داعيه إلى الرشاد وسكوته ، لأنه لا يفهم دعاءه ، ولا يسمع صوته ، ولا يعقل ما يقال له ؟ يقول : فكيف يُعبد من كانت هذه صفته ، أم كيف يشكل عظيم جهل من اتخذ ما هذه صفته إلها ؟ وإنما الربّ المعبود هو النافع من يعبده ، الضارّ من يعصيه ، الناصر وليه ، الخاذل عدوّه ، الهادي إلى الرشاد من أطاعه ، السامع دعاء من دعاه . وقيل : سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أدَعَوْتُموهُمْ أمْ أنْتُمْ صَامِتُونَ فعطف بقوله : «صامتون » ، وهو اسم على قوله : «أدعوتموهم » ، وهو فعل ماض ، ولم يقل : أم صَمَتّم ، كما قال الشاعر :

سَوَاءٌ عَلَيْكَ القَفْرُ أمْ بِتّ لَيْلَةً ***بأهْلِ القِبابِ مِنْ نُمَيْرِ بْنِ عامِرِ

وقد ينشد : «أم أنت بائت » .