فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِن تَدۡعُوهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ لَا يَتَّبِعُوكُمۡۚ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡ أَدَعَوۡتُمُوهُمۡ أَمۡ أَنتُمۡ صَٰمِتُونَ} (193)

قوله : { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الهدى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ } هذا خطاب للمشركين ، أي [ وإن تدعوا ] هؤلاء الشركاء إلى الهدى والرشاد بأن تطلبوا منهم أن يهدوكم ويرشدوكم لا يتبعوكم ولا يجيبوكم إلى ذلك ، وهو دون ما تطلبونه منهم من جلب النفع ، ودفع الضرّ ، والنصر على الأعداء . قال الأخفش معناه وإن تدعوهم ، أي الأصنام إلى الهدى لا يتبعوكم . وقيل : المراد من سبق في علم الله أنه لا يؤمن . وقرئ " لا يتبعوكم " مشدّداً ومخففاً وهما لغتان . وقال بعض أهل اللغة أتبعه مخففاً : إذا مضى خلفه ولم يدركه ، واتبعه مشدّداً : إذا مضى خلفه فأدركه . وجملة { سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صامتون } مقرّرة لمضمون ما قبلها ، أي دعاؤكم لهم عند الشدائد وعدمه سواء ، لا فرق بينهما لأنهم لا ينفعون ولا يضرون ولا يسمعون ولا يجيبون ، وقال : { أَمْ أَنتُمْ صامتون } مكان أصمتم لما في الجملة الاسمية من المبالغة . وقال محمد بن يحيى : إنما جاء بالجملة الاسمية لكونها رأس آية ، يعني لمطابقة { وَلاَ أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ } وما قبله .

/خ198