وقوله سبحانه وتعالى : { وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الهدى لاَ يَتَّبِعُوكُمْ } بيان لعجزهم عما هو أدنى من النصر المنفي عنهم وأيسر وهو مجرد الدلالة على البغية والإرشاد إلى طريق حصولها من غير أن تحصل للطالب . والخطاب للمشركين بطريق الالتفات بدلالة ما بعد ، وفيه إيذان بمزيد الاعتناء بأمر التوبيخ والتبكيت ، أي وإن تدعوا الأصنام أيها المشركون إلى أن يرشدوكم إلى ما تاحصلون به المطالب أو تنجون به عن المكاره لا يتبعوكم إلى مرادكم ولا يجيبوكم ولا يقدرون على ذلك . وقرأ نافع { يَتَّبِعُوكُمْ } بالتخفيف وقوله تعالى :
{ سَوَاء عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنتُمْ صامتون } استئناف مقر لمضمون ما قبله ومبين لكيفية عدم الاتباع ، أي مستو عليكم في عدم الإفادة دعاؤكم لهم وسكوتكم فإنه لا يتغير حالكم في الحالين كما لا يتغير حالهم بحكم الجمادية ، وكان الظاهر الإتيان بالفعل فيما بعد { أَمْ } لأن ما في حيز همزة التسوية مؤول بالمصدر ، لكنه عدل عن ذلك للإيذان بأن إحداث العدوة مقابل باستمرار الصمات ، وفيه من المبالغة ما لا يخفى ، وقيل : إن الاسمية بمعنى الفعلية وإنما عدل عنها لأنها رأس فاصلة وفيه أنه لو قيل تصمتون تم المراد .
وقيل : أن ضمير { تَدْعُواْ } للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أو له عليه الصلاة والسلام وجمع للتعظيم ، وضمير المفعولين للمشركين ، والمراد بالهدي دين الحق أي إن تدعوا المشركين إلى الإسلام لا يتبعوكم أي لم يحصلوا ذلك منكم ولم يتصفوا به ، وتعقب بأنه مما لا يسعده سباق النظم الكريم وسياقه أصلاً على أنه لو كان كذلك لقيل عليهم مكان عليكم كما في قوله تعالى : { سَوَاء عَلَيْهِمْ ءأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [ البقرة : 6 ] فإن استواء الدعاء وعدمه إنما هو بالنسبة للمشركين لا بالنسبة إلى الداعين فإنهم فائزون بفضل الدعوة ، ولعل رواية ذلك عن الحسن غير ثابتة ، والطبرسي حاطب ليل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.