فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِن تَدۡعُوهُمۡ إِلَى ٱلۡهُدَىٰ لَا يَتَّبِعُوكُمۡۚ سَوَآءٌ عَلَيۡكُمۡ أَدَعَوۡتُمُوهُمۡ أَمۡ أَنتُمۡ صَٰمِتُونَ} (193)

{ وإن تدعوهم إلى الهدى } هذا خطاب للمشركين بطريق الالتفات المنبئ عن مزيد الاعتناء بأمر التوبيخ والتبكيت ، وبيان لعجزهم عما هو أدنى من النصر المنفي عنهم وأيسر ، وهو مجرد الدلالة على المطلوب من غير تحصيله للطالب أي وإن تدعوا هؤلاء الشركاء إلى الهدى والرشاد بأن تطلبوا منهم أن يهدوكم ويرشدوكم { لا يتبعوكم } ولا يجيبوكم إلى ذلك وهو دون ما تطلبونه منهم من جلب النفع ودفع الضر والنصر على الأعداء .

قال الأخفش : معناه وإن تدعوهم أي الأصنام إلى الهدى لا يتبعوكم وقيل يجوز أن يكون الخطاب للمؤمنين والضمير المنصوب للمشركين ممن سبق في علم الله أنه لا يؤمن ، والمعنى وإن تدعوا أيها المؤمنون المشركين لا يتبعوكم وقرئ لا يتبعوكم مشددا ومخففا وهما لغتان وقال بعض أهل اللغة : اتبعه مخففا إذا مضى خلفه ولم يدركه واتبعه مشددا إذا مضى خلفه فأدركه .

{ سواء عليكم أدعوتموهم أم أنتم صامتون } مستأنفة مقررة لمضمون ما قبلها أي دعاؤكم لهم عند الشدائد وعدمه سواء لا فرق بينهما لأنهم لا ينفعون ولا يضرون ، ولا يسمعون ولا يجيبون ، وقال { أم أنتم صامتون } مكان أو صمتم لما في الجملة الاسمية من المبالغة في عدم إفادة الدعاء ببيان مساواته للسكون الدائم المستمر ، وقال محمد بن يحيى : إنما جاء بالإسمية لكونها رأس آية يعني لمطابقة ولا أنفسهم ينصرون وما قبله .