معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ بَعۡضُهُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمُنكَرِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَقۡبِضُونَ أَيۡدِيَهُمۡۚ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (67)

{ المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض } ، أي : هم على دين واحد . وقيل : أمرهم واحد بالاجتماع على النفاق ، { يأمرون بالمنكر } ، بالشرك والمعصية ، { وينهون عن المعروف } ، أي عن الإيمان والطاعة ، { ويقبضون أيديهم } أي : يمسكونها عن الصدقة والإنفاق في سبيل الله ولا يبسطونها بخير ، { نسوا الله فنسيهم } ، تركوا طاعة الله ، فتركهم الله من توفيقه وهدايته في الدنيا ، ومن رحمته في الآخرة ، وتركهم في عذابه . .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ بَعۡضُهُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمُنكَرِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَقۡبِضُونَ أَيۡدِيَهُمۡۚ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (67)

{ 67 - 68 } { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَعَدَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ }

يقول تعالى : { الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ } لأنهم اشتركوا في النفاق ، فاشتركوا في تولي بعضهم بعضا ، وفي هذا قطع للمؤمنين من ولايتهم .

ثم ذكر وصف المنافقين العام ، الذي لا يخرج منه صغير منهم ولا كبير ، فقال : { يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ } وهو الكفر والفسوق والعصيان .

{ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ } وهو الإيمان ، والأخلاق الفاضلة ، والأعمال الصالحة ، والآداب الحسنة . { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } عن الصدقة وطرق الإحسان ، فوصفهم البخل .

{ نَسُوا اللَّهَ } فلا يذكرونه إلا قليلا ، { فَنَسِيَهُمْ } من رحمته ، فلا يوفقهم لخير ، ولا يدخلهم الجنة ، بل يتركهم في الدرك الأسفل من النار ، خالدين فيها مخلدين .

{ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } حصر الفسق فيهم ، لأن فسقهم أعظم من فسق غيرهم ، بدليل أن عذابهم أشد من عذاب غيرهم ، وأن المؤمنين قد ابتلوا بهم ، إذ كانوا بين أظهرهم ، والاحتراز منهم شديد .

 
التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي [إخفاء]  
{ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ بَعۡضُهُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمُنكَرِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَقۡبِضُونَ أَيۡدِيَهُمۡۚ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (67)

ثم مضت السورة الكريمة بعذ ذلك في تقرير حقيقة المنافقين ، وفى بيان جانب من صفاتهم ، والمصير السئ الذي ينتظرهم فقال - تعالى - : { المنافقون والمنافقات . . . عَذَابٌ مُّقِيمٌ } .

قال الإِمام الرازى : اعلم أن هذا شرح لنوع آخر من أنواع فضائحهم وقبائحهم ، والمقصود بيان أن إناثهم كذكورهم في تلك الأعمال المنكرة ، والأفعال الخبيثة فقال : { المنافقون والمنافقات بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ } أى : في صفة النفاق ، وذلك كما يقول إنسان لآخر : أنت منى وأنا منك . أى : أمرنا واحد لا مباينة فيه ولا مخالفة . .

وقوله : { يَأْمُرُونَ بالمنكر وَيَنْهَوْنَ عَنِ المعروف } تفصيل لجانب من راذائلهم ، ومن مسالكهم الخبيثة .

أى : يأمرون غيرهم بكل ما تستنكره الشرائع ، وستتقبحه العقول ، وينهونه عن كل أمر دعت إليه الأديان ، وأحبته القلوب السليمة .

وقوله : { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } كناية عن بخلهم وشحهم ، لأن الإِنسان السخى يبسط يده بالعطاء ، بخلاف الممسك القتور فإنه يقبض يده عن ذلك .

أى : أن من صفات هؤلاء المنافقين أنهم بخلاء أشحاء عن بذل المال في وجوهه المشروعة .

وقوله : { نَسُواْ الله فَنَسِيَهُمْ } كناية عن رسوخهم في الكفر ، وانغماسهم في كل ما يبعدهم عن الله - تعالى - .

والمقصود بالنسيان هنا لازمه ، وهو الترك والإِهمال ؛ لأن حيقة النسيان ممحالة على الله - تعالى - ، كما أن النسيان الحقيقى لا يذم صاحبه عليه لعدم التكليف به .

أى : تركوا طاعة الله وخشيته ومراقبته ، فتركهم - سبحانه - وحرمهم من هدايته ورحمته وفضله .

وقوله : { إِنَّ المنافقين هُمُ الْفَاسِقُونَ } تذييل قصد به المبالغة في ذمهم .

أى : إن المنافقون هم الكاملون في الخروج عن طاعة الله ، وفى الانسلاخ عن فضائل الإِيمان ، ومكارم الأخلاق .