فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتُ بَعۡضُهُم مِّنۢ بَعۡضٖۚ يَأۡمُرُونَ بِٱلۡمُنكَرِ وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمَعۡرُوفِ وَيَقۡبِضُونَ أَيۡدِيَهُمۡۚ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمۡۚ إِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ هُمُ ٱلۡفَٰسِقُونَ} (67)

قوله : { المنافقون والمنافقات بَعْضُهُمْ مّن بَعْضٍ } ذكر هاهنا جملة أحوال المنافقين ، وأن ذكورهم في ذلك كإناثهم ، وأنهم متناهون في النفاق والبعد عن الإيمان ، وفيه إشارة إلى نفي أن يكونوا من المؤمنين ، وردّ لقولهم : { وَيَحْلِفُونَ بالله إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ } ، ثم فصل ذلك المجمل ببيان مضادّة حالهم لحال المنافقين فقال : { يَأْمُرُونَ بالمنكر } وهو كل قبيح عقلاً أو شرعاً { وَيَنْهَوْنَ عَنِ المعروف } وهو كل حسن عقلاً أو شرعاً قال الزجاج : هذا متصل بقوله : { وَيَحْلِفُونَ بالله إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مّنكُمْ } أي ليسوا من المؤمنين ، ولكن بعضهم من بعض : أي متشابهون في الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف { وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ } أي : يشحون فيما ينبغي إخراجه من المال في الصدقة ، والصلة والجهاد ، فالقبض كناية عن الشحّ ، كما أن البسط كناية عن الكرم . والنسيان الترك : أي تركوا ما أمرهم به ، فتركهم من رحمته وفضله ، لأن النسيان الحقيقي لا يصح إطلاقه على الله سبحانه ، وإنما أطلق عليه هنا من باب المشاكلة المعروفة في علم البيان ، ثم حكم عليهم بالفسق : أي الخروج عن طاعة الله إلى معاصيه ، وهذا التركيب يفيد أنهم هم الكاملون في الفسق .

/خ70