وقوله تعالى : ( الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ ) ذكر في أهل الإيمان ( بعضهم أولياء بعض ) بقوله : ( والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض )[ التوبة : 71 ] وذكر في الكافرين الولاية لبعضهم ببعض بقوله : ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض )[ الأنفال : 73 ] وقال في المنافقين : ( بعضهم من بعض ) .
فهو والله أعلم ، أن لأهل الإيمان دينا[ في الأصل وم : دين ] يدينون به ، ويتناصرون ويدعون الناس إليه وأهل الكفر يدينون بدين ، يتناصرون به ، ويعاون[ في الأصل وم : ويتعاون ] بعضهم بعضا . فصار لكل واحد من الفريقين موالاة في ما بينهم موالاة الدين .
وأما المنافقون فإنهم لا دين لهم ، يدينون به ، ولا مذهب ينتحلونه ، ولا يناصر [ بعضهم بعضا ، ولا يعاون بعضهم بعضا ولا يجري بينهم التناصر ][ من م ، ساقطة من الأصل ] والتعاون . فإنما هم عباد النعمة والسعة ؛ مالوا حيثما مالت النعمة والسعة ، فلا موالاة في ما بينهم لما ذكرنا .
وفي قوله : ( والمنافقات ) دلالة أن من نافق بالتقليد لآخر [ ومن ][ ساقطة من الأصل وم ] نافق لا بتقليد سواء في استجاب الاسم والتعذيب في ذلك والوعيد ؛ لأن النساء هن[ في الأصل وم : من ] أتباع وأهل تقليد . ثم سوى بينهم وبين النساء في الاسم والوعيد .
وقوله تعالى : ( يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ ) يحتمل قوله : ( يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ ) أي ما تنكره العقول ، وهو الشرك بالله ، والخلاف له ( وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمَعْرُوفِ ) أي ينهون عن ما تعرفه العقول ، وتستحسنه ، وهو التوحيد لله والإيمان به ، ويدخل في ذلك كل خير وحسن وفي المنكر يدخل الشرك وكل معصية .
وقوله تعالى : ( وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ) قيل : ( وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ ) عن الإنفاق في سبيل الخير . لكن يحتمل أن يكون على التمثيل لا على تحقيق قبض اليد ، ولكن على كف النفس ومنعها من الاشتغال بالخيرات وخوضها فيها وفي جميع الطاعات .
ولكنه ذكر باليد لما بالأيدي يعمل وبها[ أدرج قبلها في الأصل : بها ، في م : بها ] تكتسب الخيرات والسيئات كقوله : ( ذوقوا عذاب الحريق ) ( ذلك بما قدمت أيديكم )[ آل عمران : 181-182 ] . وذلك مما لا تقدمه الأيدي ولا كسبت لكنه ذكر القلب لما ذكرنا أنه باليد ما يقدم ، وبها يقبض في الشاهد .
وجائز أن يكون ما ذكر من قبض كناية عن بخلهم وقلة إنفاقهم في الجهاد كقوله : ( ولا ينفقون إلا وهم كارهون )[ التوبة : 54 ] .
وقوله تعالى : ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ) قيل [ فيه بوجوه :
أحدها ][ ساقطة من الأصل وم ] : جعلوا الله عز وجل كالشيء المنسي ، لا يذكرونه أبدا ، فنسيهم ؛ أي جعلهم كالمنسيين في الآخرة من رحمة لا ينالونها .
والثاني[ في الأصل وم : و ] : يحتمل ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ) أي نسوا نعم الله التي أنعمها عليهم فلم يشكروها ، فنسيهم على المجازاة لذلك ، وإن لم يكن نسيا كما سمى جزاء السيئة سيئة ، وإن لم يكن الثاني سيئة . فعلى ذلك ذكر النسيان على مجازاة النسيان ، وإن لم يحتمل النسيان .
والثالث : ( نَسُوا اللَّهَ ) أي بسؤال المعونة والنصرة وسؤال التوفيق ( فنسيهم ) الله ، أي لم ينصرهم ولم يوفقهم .
وقوله تعالى : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمْ الْفَاسِقُونَ ) فإن قيل : اسم النفاق أشر وأقبح من اسم الفسق ، فما معنى ذكر الفسق لهم ؟ فهو ، والله أعلم ، لأنهم كانوا يظهرون الموافقة للمؤمنين باللسان ، فأخبر أنهم ليسوا على ما أظهروا ، و الله أعلم ، وأن يكون اسم النفاق أشر وأقبح عند الناس من اسم الفسق فعندهم يحتمل أن يكون اسم الفسق أكبر في القبح ، أو سماهم فاسقين لما أن كل أهل هذه الأديان يأنفون من النسبة إلى الفسق والتسمية به ، وأن يكونوا يعلمون في أنفسهم أنهم أهل نفاق ، ولا يعرفون أنهم فسقة . وأصل الفسق هو الخروج عن أمر الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.