قوله تعالى : { المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف ويقبضون أيديهم نسوا الله فنسيهم إن المنافقين هم الفاسقون }
اعلم أن هذا شرح نوع آخر من أنواع فضائحهم وقبائحهم ، والمقصود بيان أن إناثهم كذكورهم في تلك الأعمال المنكرة والأفعال الخبيثة ، فقال : { المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض } أي في صفة النفاق ، كما يقول الإنسان : أنت مني وأنا منك ، أي أمرنا واحد لا مباينة فيه ولما ذكر هذا الكلام ذكر تفصيله فقال : { يأمرون بالمنكر } ولفظ المنكر يدخل فيه كل قبيح ، إلا أن الأعظم ههنا تكذيب الرسول { وينهون عن المعروف } ولفظ المعروف يدخل فيه كل حسن إلا أن الأعظم ههنا الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ويقبضون أيديهم ، قيل من كل خير ، وقيل عن كل خير واجب من زكاة وصدقة وإنفاق في سبيل الله وهذا أقرب لأنه تعالى لا يذمهم إلا بترك الواجب ويدخل فيه ترك الإنفاق في الجهاد ، ونبه بذلك على تخلفهم عن الجهاد ، والأصل في هذا أن المعطي يمد يده ويبسطها بالعطاء . فقيل لمن منع وبخل قد قبض يده .
ثم قال : { نسوا الله فنسيهم } واعلم أن هذا الكلام لا يمكن إجراؤه على ظاهره لأنا لو حملناه على النسيان على الحقيقة لما استحقوا عليه ذما ، لأن النسيان ليس في وسع البشر ، وأيضا فهو في حق الله تعالى محال فلابد من التأويل ، وهو من وجهين : الأول : معناه أنهم تركوا أمره حتى صار بمنزلة المنسي ، فجازاهم بأن صيرهم بمنزلة المنسي من ثوابه ورحمته ، وجاء هذا على أوجه الكلام كقوله : { وجزاء سيئة سيئة مثلها } الثاني : النسيان ضد الذكر ، فلما تركوا ذكر الله بالعبادة والثناء على الله ، ترك الله ذكرهم بالرحمة والإحسان ، وإنما حسن جعل النسيان كناية عن ترك الذكر لأن من نسي شيئا لم يذكره ، فجعل اسم الملزوم كناية عن اللازم .
ثم قال : { إن المنافقين هم الفاسقون } أي هم الكاملون في الفسق ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.