معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٗاۚ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلٗا} (122)

قوله تعالى : { والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار } . أي : من تحت الغرف والمساكن .

قوله تعالى : { خالدين فيها أبداً وعد الله حقاً ومن أصدق من الله قيلاً } .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٗاۚ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلٗا} (122)

القول في تأويل قوله تعالى :

{ وَالّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً وَعْدَ اللّهِ حَقّاً وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً } . .

يعني جلّ ثناؤه بقوله : { وَالّذِينَ آمَنُوا وَعمِلُوا الصّالِحاتِ } : والذين صّدقوا الله ورسوله ، وأقّروا له بالواحدانية ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالنبوّة وعملوا الصالحات ، يقول : وأدّوا فرائض الله التي فرضها عليهم . { سَنُدْخِلُهُمْ جَنّاتٍ تَجْرِي مِنْ تحْتِها الأنْهارُ } يقوله : سوف ندخلهم يوم القيامة إذا صاروا إلى الله جزاء بما عملوا في الدنيا من الصالحات جنات : يعني بساتين تجري من تحتها الأنهار . { خالدِينَ فيها أبَدا } يقول : باقين في هذه الجنات التي وصفها أبدا دائما . وقوله { وَعْدَ اللّهِ حَقّا } يعين : عدة من الله لهم ذلك في الدنيا حقا ، يقينا صادقا ، لا كَعِدَة الشيطان الكاذبة التي هي غرور من وعدها من أوليائه ، ولكن عِدة ممن لا يكذب ولا يكون منه الكذب ولا يخلف وعده . وإنما وصف جلّ ثناؤه وعده بالصدق والحقّ في هذه لما سبق من خبره جلّ ثناؤه ، عن قول الشيطان الذي قصه في قوله ، وقال : { لاَءَتّخِذَنّ مِنْ عِبادِكَ نَصِيبا مَفْرُوضا وَلأُضِلّنّهُمْ وَلأُمَنّيَنّهُمْ ووَلاَمُرَنّهُمْ فَلَيُبَتّكُنّ آذَانَ الأنْعامِ } ثم قال جلّ ثناؤه : { يَعِدُهُمْ ويُمَنّيهِمْ وَما يَعِدُهُمُ الشّيْطانُ إلاّ غُرُورا } ولكن الله يعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات أنه سيدخلهم جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، وعدا منه حقا ، لا كوعد الشيطان الذي وصف صفته . فوصف جلّ ثناؤه الوعدين والواعدين وأخبر بحكم أهل كل وعد منهما تنبيها منه جلّ ثناؤه خلقه على ما فيه مصلحتهم وخلاصهم من الهلكة والعطب ، لينزجروا عن معصيته ويعملوا بطاعته ، فيفوزوا بما أعدّ لهم في جنانه من ثوابه . ثم قال لهم جلّ ثناؤه : { وَمَنْ أصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً } يقول : ومن أصدق أيها الناس من الله قيلاً : أي لا أحد أصدق منه قيلاً ، فكيف تتركون العمل بما وعدكم على العمل به ربكم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ، وتكفرون به ، وتخالفون أمره ، وأنتم تعلمون أن لا أحد أصدق منه قيلاً ، وتعملون بما يأمركم به الشيطان ، رجاء لإدراك ما يعدكم من عِداته الكاذبة وأمانيه الباطلة ، وقد علمتم أن عداته غرور لا صحة لها ولا حقيقة ، وتتخذونه وليا من دون الله وتتركون أن تطيعوا الله فيما يأمركم به وينهاكم عنه ، فتكونوا له أولياء ؟ ومعنى القِيل والقول : واحد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٗاۚ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلٗا} (122)

ولما أخبر تعالى عن الكفار الذين يتخذون الشيطان ولياً ، وأعلم بغرور وعد الشيطان لهم ، وأعلم بصيور{[4291]} أمرهم وأنه إلى جهنم ، فاقتضى ذلك كله التحذير ، أعقب ذلك - عز وجل{[4292]} - بالترغيب في ذكر حالة المؤمنين ، وأعلم بصيور أمرهم وأنه إلى النعيم المقيم ، وأعلم بصحة وعده تعالى لهم ، ثم قرر ذلك بالتوقيف عليه في قوله { ومن أصدق من الله قيلاً } والقيل والقول واحد ، ونصبه على التمييز ، وقرأت فرقة «سندخلهم » بالنون وقرأت فرقة «سيدخلهم » بالياء ، و { وعد الله } نصب على المصدر . و { حقا } مصدر أيضاً مؤكد لما قبله .


[4291]:- الصّيّور: منتهى الأمر وعاقبته. (المعجم الوسيط).
[4292]:- في بعض النسخ: "أعقب ذلك (الوجل) بالترغيب"