روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٗاۚ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلٗا} (122)

{ والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } مبتدأ خبره قوله تعالى : { سَنُدْخِلُهُمْ جنات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الانهار خالدين فِيهَا أَبَداً } وجوز أبو البقاء أن يكون الموصول في موضع نصب بفعل محذوف يفسره ما بعده ولا يخفى مرجوحيته ، وهذا وعد للمؤمنين إثر وعيد الكافرين ، وإنما قرنهما سبحانه وتعالى زيادة لمسرة أحبائه ومساءة أعدائه { وَعْدَ الله حَقّا } أي وعدهم وعداً وأحقه حقاً ، فالأول : مؤكد لنفسه كله على ألف عرفا فإن مضمون الجملة السابقة لا تحتمل غيره إذ ليس الوعد إلا الإخبار عن إيصال المنافع قبل وقوعه ، والثاني : مؤكد لغيره كزيد قائم حقاً فإن الجملة الخبرية بالنظر إلى نفسها وقطع النظر عن قائلها تحتمل الصدق والكذب والحق والباطل ، وجوز أن ينتصب وعد علي أنه مصدر ل { سَنُدْخِلُهُمْ } على ما قال أبو البقاء من غير لفظه لأنه في معنى نعدهم إدخال جنات ، ويكون { حَقّاً } حالا منه .

{ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله قِيلاً } تذييل للكلام السابق مؤكد له ، فالواو اعتراضية و القيل مصدر قال ومثله القال . وعن ابن السكيت : إنهما اسمان لا مصدران ، ونصبه على التمييز ، ولا يخفى ما في الاستفهام وتخصيص اسم الذات الجليل الجامع ، وبناء أفعل ، وإيقاع القول تمييزاً من المبالغة ، والمقصود معارضة مواعيد الشيطان الكاذبة لقرنائه التي غرتهم حتى استحقوا الوعيد بوعد الله تعالى الصادق لأوليائه الذي أوصلهم إلى السعادة العظمى ، ولذا بالغ سبحانه فيه وأكده حثاً على تحصيله وترغيباً فيه ، وزعم بعضهم أن الواو عاطفة والجملة معطوفة على محذوف أي صدق الله ومن أصدق من الله قيلا أي صدق ولا أصدق منه ، ولا يخفى أنه تكلف مستغنى عنه ، وكأن الداعي إليه الغفلة عن حكم الواو الداخلة على الجملة التذييلة ، وتجويز أن تكون الجملة مقولاً لقول محذوف أي وقائلين : من أصدق من الله قيلا ، فيكون عطفاً على { خالدين } أدهى وأمر .

وقرأ الكوفي غير عاصم . وورش باشمام الصاد الزاي .

( هذا ومن باب الإشارة ) :{ والذين ءامَنُواْ } ووحدوا { وَعَمِلُواْ الصالحات } واستقاموا { سَنُدْخِلُهُمْ جنات } [ النساء : 122 ] جنة الأفعال وجنة الصفات وجنة الذات