السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٗاۚ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلٗا} (122)

ولما ذكر ما للكافر ترهيباً اتبعه ما لغيرهم ترغيباً فقال :

{ والذين آمنوا } أي : أقرّوا بالإيمان { وعملوا الصالحات } أي : الطاعات تصديقاً لإقرارهم { سندخلهم } بوعد لا خلف فيه { جنات تجري من تحتها الأنهار } أي : لريّ أرضها فحيثما أجرى منها نهر جرى { خالدين فيها } ولما كان الخلود يطلق على المكث الطويل دفع ذلك بقوله تعالى : { أبداً } أي : لا إلى آخر { وعد الله حقاً } أي : وعدهم الله ذلك وهو قوله تعالى : سندخلهم وحقه حقاً { ومن } أي : لا أحد { أصدق من الله قيلاً } أي : قولاً ، وأكثر سبحانه وتعالى من التأكيد هنا ؛ لأنه في مقابلة وعد الشيطان ، ووعد الشيطان موافق للهوى الذي طبعت عليه النفوس ، فلا تنصرف عنه إلا بعسر شديد .

ونزل لما افتخر المسلمون وأهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فقال أهل الكتاب : نبيِّنا قبل نبيِّكم وكتابنا قبل كتابكم فنحن أولى بالله منكم ، وقال المسلمون : نبيِّنا خاتم الأنبياء وكتابنا يقضي على الكتب وقد آمنا بكتابكم ولم تؤمنوا بكتابنا فنحن أولى .