التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ سَنُدۡخِلُهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۖ وَعۡدَ ٱللَّهِ حَقّٗاۚ وَمَنۡ أَصۡدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلٗا} (122)

وقوله : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا ) أولئك هم ذوو الحظ العظيم ورثة جنة النعيم وهم الذين آمنوا ثم اقترن إيمانهم بالعمل الصالح . وذلك هو شرط الفلاح والنجاة أن يقترن الإيمان العميق بالعمل في طاعة الله جل وعلا ، ذلكم هو التكامل الحقيقي في شخصية المسلم أن تجتمع في قلبه أركان الإيمان فتحيط بشغافة كله ، مع العمل النافع الصالح الذي يتحقق عن طريق الحس والجوارح سواء باللسان أو اليدين أو القدمين أو غير ذلك من أعضاء البدن التي تتسخر طيّعة نشطة للعمل بما يرضي الله .

هؤلاء الذين اطمأنت قلوبهم بالإيمان ثم سعوا في الأرض جادين عاملين ، أولئك الذين وعدهم الله أحسن تأويل وخير عاقبة ، حيث النعيم والمقيم في جنات الله الخوالد ، حيث الأنهار التي تجري سائحة فيّاضة وهي تطوي معها الخير وروعة البهاء والجمال ، والمؤمنون حينئذ آمنون محبورون تحفّ بهم الخيرات والبركات من كل جانب وتحف بهم الملائكة بالسلام الميمون ثم تجليهم إشراقة البركة والنور من الله التي تسري في الكون كله لتبدّد منه الظلمات وتنشر في أرجائه الضياء والبهجة .

قوله : ( وعد الله حقا ومن أصدق من الله قيلا ) وعد مفعول مطلق منصوب لفعل محذوف تقديره وعد . حقا ، مصدر ثان مؤكد لغيره . أي حق ذلك حقا ، وتبين الآية بأن قول الله صدق ، ووعده حق ، وهو سبحانه لا يخلف وعده ولا ريب أنه سبحانه أصدق الصادقين إذ ليس من أحد أصدق من الله ( قيلا ) أي قولا وهو منصوب على التمييز . وقد كان النبي ( ص ) يقول في خطبته إذا خطب " إن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد ( ص ) " {[837]} .


[837]:- تفسير الرازي جـ 6 ص 50-52 وتفسير البيضاوي ص 128.