قوله تعالى : { قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } قال ابن عباس رضي الله عنهما ، و قتادة ، والضحاك : كانوا أمواتاً في أصلاب آبائهم ، فأحياهم الله في الدنيا ، ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها ، ثم أحياهم للبعث يوم القيامة ، فهما موتتان ، وحياتان وهذا كقوله تعالى :{ كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم }( البقرة-28 ) وقال السدي : أميتوا في الدنيا ثم أحيوا في قبورهم للسؤال ، ثم أميتوا في قبورهم ، ثم أحيوا في الآخرة . { فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل } أي : إلى الدنيا فنصلح أعمالنا ، ونعمل بطاعتك . نظيره : { هل إلى مرد من سبيل } ( الشورى-42 ) .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله : رَبّنا أمَتَنّا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قال : هو كقوله : كَيْفَ تَكْفُرُونَ باللّهِ وكُنتُمْ أمْوَاتا . . . الاَية .
حدثنا ابن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن أبي الأحوص ، عن عبد الله ، في قوله : أمَتّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قال : هي كالتي في البقرة وكُنْتُمْ أمْوَاتا فأحْياكُمْ ثُمّ يُمِيتُكُمْ ثُمّ يُحْيِيكُمْ .
حدثني أبو حصين عبد الله بن أحمد بن يونس ، قال : حدثنا عبثر ، قال : حدثنا حصين ، عن أبي مالك في هذه الاَية أمَتّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قال : خلقتنا ولم نكن شيئا ثم أمتنا ، ثم أحييتنا .
حدثني يعقوب ، قال : حدثنا هشيم ، عن حصين ، عن أبي مالك ، في قوله : أمَتّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قالوا : كانوا أمواتا فأحياهم الله ، ثم أماتهم ، ثم أحياهم .
حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ ، قوله : أمتَنّا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قال : أميتوا في الدنيا ، ثم أحيوا في قبورهم ، فسئلوا أو خوطبوا ، ثم أميتوا في قبورهم ، ثم أحيوا في الاَخرة .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله رَبّنا أمَتّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ قال : خلقهم من ظهر آدم حين أخذ عليهم الميثاق ، وقرأ : وَإذْ أخَذَ رَبّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهورِهِمْ ذُرّيّتَهُمْ ، فقرأ حتى بلغ المُبْطِلُونَ قال : فنسّاهم الفعل ، وأخذ عليهم الميثاق ، قال : وانتزع ضلعا من أضلاع آدم القصري ، فخلق منه حوّاء ، ذكره عن النبيّ صلى الله عليه وسلم ، قال : وذلك قول الله : يا أيّها النّاسُ اتّقُوا رَبّكُمْ الّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَق مِنْها زَوْجَها وَبَثّ مِنْهُما رِجالاً كَثِيرا وَنِساءً . قال : بثّ منهما بعد ذلك في الأرحام خلقا كثيرا ، وقرأ : يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمّهاتِكُمْ خَلُقا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ قال : خلقا بعد ذلك ، قال : فلما أخذ عليهم الميثاق ، أماتهم ثم خلقهم في الأرحام ، ثم أماتهم ، ثم أحياهم يوم القيامة ، فذلك قول الله : رَبّنا أمَتّنا اثْنَتَيْنِ وأحْيَيْتَنا اثْنَتَيْنِ فاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا ، وقرأ قول الله : وأخَذْنا مِنْهُم مِيثاقا غَلِيظا قال : يومئذ ، وقرأ قول الله : وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الّذِي وَاثَقَكُمْ بِهِ إذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وأطَعْنا .
وقوله : فاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا يقول : فأقررنا بما عملنا من الذنوب في الدنيا فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ يقول : فهل إلى خروج من النار لنا سبيل ، لنرجع إلى الدنيا ، فنعمل غير الذي كنا نعمل فيها ، كما :
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ : فهل إلى كرّة إلى الدنيا .
واختلف المفسرون في معنى قولهم : { قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحيينا اثنتين } فقال ابن عباس وقتادة والضحاك وأبو مالك : أرادوا موته كونهم ماء في الأصلاب ثم أحياهم في الدنيا ثم أماتهم الموت ثم أحياهم يوم القيامة ، قالوا وهي كالتي في سورة البقرة : { كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم }{[9971]} . وقال ابن زيد : أرادوا أنه أحياهم نسماً عند أخذ العهد عليهم قت أخذهم من صلب آدم ثم أماتهم بعد ذلك ثم أحياهم في الدنيا ثم أماتهم ثم أحياهم ، وهذا قول ضعيف ، لأن الإحياء فيه ثلاث مرات . وقال السدي : أرادوا أنه أحياهم في الدنيا ثم أماتهم تم أحياهم في القبر وقت سؤال منكر ونكير ، ثم أماتهم فيه ثم أحياهم في الحشر ، وهذا أيضاً يدخله الاعتراض الذي في القول قبله ، والأول أثبت الأقوال . وقال محمد بن كعب القرظي : أرادوا أن الكافر في الدنيا هو حي الجسد ميت القلب فكأن حالهم في الدنيا جمعت إحياء وإماتة ، ثم أماتهم حقيقة ثم أحياهم بالبعث .
والخلاف في هذه الآية مقول كله في آية سورة البقرة ، وهذه الآية يظهر منها أن معناها منقطع من معنى قوله تعالى : { إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون } وليس الأمر كذلك ، بل الآيتان متصلتا المعنى ، وذلك أن كفرهم في الدنيا كان أيضاً بإنكارهم البعث واعتقادهم أنه لا حشر ولا عذاب ، ومقتهم أنفسهم إنما عظمه ، لأن هذا المعتقد كذبهم ، فلما تقرر مقتهم لأنفسهم ورأوا خزياً طويلاً عريضاً رجعوا إلى المعنى الذي كان كفرهم به وهو البعث وخرج الوجود مقترناً بعذابهم فأقروا به على أتم وجوهه ، أي قد كنا كفرنا بإنكارنا البعث ونحن اليوم نقر أنك أحييتنا اثنتين وأمتنا اثنتين ، كأنهم قصدوا تعظيم قدرته تعالى واسترضاءه بذلك ، ثم قالوا عقب هذا الإقرار طمعاً منهم ، فها نحن معترفون بذنوبنا { فهل إلى خروج من سبيل } ؟ وهذا كما تكلف إنساناً أن يقر لك بحق وهو ينكرك ، فإذا رأى الغلبة وضرع أقر بذلك الأمر متمماً أوفى مما كنت تطلب به أولاً ، وفيما بعد قولهم : { فهل إلى خروج من سبيل } محذوف من الكلام يدل عليه الظاهر ، تقديره : لا إسعاف لطلبتكم أو نحو هذا من الرد والزجر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.