ثم أخبر سبحانه عما يقولون في النار ، فقال : { قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثنتين وَأَحْيَيْتَنَا اثنتين } اثنتين في الموضعين نعتان لمصدر محذوف ، أي أمتنا إماتتين اثنتين ، وأحييتنا إحياءتين اثنتين ، والمراد بالإماتتين : أنهم كانوا نطفاً لا حياة لهم في أصلاب آبائهم ، ثم أماتهم بعد أن صاروا أحياء في الدنيا ، والمراد بالإحياءتين : أنه أحياهم الحياة الأولى في الدنيا ، ثم أحياهم عند البعث ، ومثل هذه الآية قوله : { وَكُنتُمْ أمواتا فأحياكم ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } [ البقرة : 28 ] . وقيل معنى الآية : أنهم أميتوا في الدنيا عند انقضاء آجالهم ، ثم أحياهم الله في قبورهم للسؤال ، ثم أميتوا ، ثم أحياهم الله في الآخرة ، ووجه هذا القول : أن الموت سلب الحياة ، ولا حياة للنطفة . ووجه القول الأوّل : أن الموت قد يطلق على عادم الحياة من الأصل ، وقد ذهب إلى تفسير الأوّل جمهور السلف . وقال ابن زيد : المراد بالآية : أنه خلقهم في ظهر آدم واستخرجهم ، وأحياهم ، وأخذ عليهم الميثاق ثم أماتهم ، ثم أحياهم في الدنيا ثم أماتهم . ثم ذكر سبحانه اعترافهم بعد أن صاروا في النار بما كذبوا به في الدنيا ، فقال حاكياً عنهم : { فاعترفنا بِذُنُوبِنَا } التي أسلفناها في الدنيا من تكذيب الرّسل ، والإشراك بالله ، وترك توحيده ، فاعترفوا حيث لا ينفعهم الاعتراف ، وندموا حيث لا ينفعهم الندم ، وقد جعلوا اعترافهم هذا مقدّمة لقولهم : { فَهَلْ إلى خُرُوجٍ مّن سَبِيلٍ } أي هل إلى خروج لنا من النار ، ورجوع لنا إلى الدنيا من سبيل ، ومثل هذا قولهم الذي حكاه الله عنهم : { فَهَلْ إلى مَرَدّ مّن سَبِيلٍ } [ الشورى : 44 ] ، وقوله : { فارجعنا نَعْمَلْ صالحا } [ السجدة : 12 ] ، وقوله : { يا ليتنا نُرَدُّ } [ الأنعام : 27 ] الآية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.