مدارك التنزيل وحقائق التأويل للنسفي - النسفي  
{قَالُواْ رَبَّنَآ أَمَتَّنَا ٱثۡنَتَيۡنِ وَأَحۡيَيۡتَنَا ٱثۡنَتَيۡنِ فَٱعۡتَرَفۡنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلۡ إِلَىٰ خُرُوجٖ مِّن سَبِيلٖ} (11)

{ قَالُواْ رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثنتين وَأَحْيَيْتَنَا اثنتين } أي إماتتين وإحياءتين أو موتتين وحياتين ، وأراد بالإماتتين خلقهم أمواتاً أولاً وإماتتهم عند انقضاء آجالهم ، وصح أن يسمى خلقهم أمواتاً إماتة ، كما صح أن يقال : سبحان من صغر جسم البعوضة وكبر جسم الفيل ، وليس ثمة نقل من كبر إلى صغر ، ولا من صغر إلى كبر ، والسبب فيه أن الصغر والكبر جائزان على المصنوع الواحد ، فإذا اختار الصانع أحد الجائزين فقد صرف المصنوع عن الجائز الآخر ، فجعل صرفه عنه كنقله منه . وبالإحياءتين : الإحياءة الأولى في الدنيا ، والإحياءة الثانية البعث ، ويدل عليه قوله : { وَكُنتُمْ أمواتا فأحياكم ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ } [ البقرة : 28 ] . وقيل : الموتة الأولى في الدنيا ، والثانية في القبر بعد الإحياء للسؤال ، والإحياء الأول إحياؤه في القبر بعد موته للسؤال ، والثاني للبعث { فاعترفنا بِذُنُوبِنَا } لما رأوا الإماتة والإحياء قد تكررا عليهم علموا أن الله قادر على الإعادة كما هو قادر على الإنشاء ، فاعترفوا بذنوبهم التي اقترفوها من إنكار البعث وما تبعه من معاصيهم { فَهَلْ إلى خُرُوجٍ } من النار . أي إلى نوع من الخروج سريع أو بطيء لنتخلص { مِّن سَبِيلٍ } قط أم اليأس واقع دون ذلك فلا خروج ولا سبيل إليه ، وهذا كلام من غلب عليه اليأس وإنما يقولون ذلك تحيراً ،