{ قالوا ربنا أمتنا اثنتين } : وجه اتصال هذه بما قبلها أنهم كانوا ينكرون البعث ، وعظم مقتهم أنفسهم هذا الإنكار ، فلما مقتوا أنفسهم ورأوا حزناً طويلاً رجعوا إلى الإقرار بالبعث ، فأقروا أنه تعالى أماتهم اثنتين وأحياهم اثنتين تعظيماً لقدرته وتوسلاً إلى رضاه ، ثم أطمعوا أنفسهم بالاعتراف بالذنوب أن يردوا إلى الدنيا ، أي إن رجعنا إلى الدنيا ودعينا للإيمان بادرنا ، إليه .
وقال ابن عباس ، وقتادة ، والضحاك ، وأبو مالك : موتهم كوبهم ماء في الأصلاب ، ثم إحياؤهم في الدنيا ، ثم موتهم فيها ، ثم إحياؤهم يوم القيامة .
وقال السدي : إحياؤهم في الدنيا ، ثم إماتتهم فيها ، ثم إحياؤهم في القبر لسؤال الملكين ، ثم إماتتهم فيه ، ثم إحياؤهم في الحشر .
وقال ابن زيد : إحياؤهم نسماً عند أخذ العهد عليهم من صلب آدم ، ثم إماتتهم بعد ، ثم إحياؤهم في الدنيا ، ثم إماتتهم ، ثم إحياؤهم ، فعلى هذا والذي قبله تكون ثلاثة إحياءات ، وهو خلاف القرآن .
وقال محمد بن كعب : الكافر في الدنيا حي الجسد ، ميت القلب ، فاعتبرت الحالتان ، ثم إماتتهم حقيقة ، ثم إحياؤهم في البعث ، وتقدم الكلام في أول البقرة على الإماتتين والإحياءين في قوله : { كيف تكفرون وكنتم أمواتاً } الآية ، وكررنا ذلك هنا لبعد ما بين الموضعين .
قال الزمخشري : فإن قلت : كيف صح أن يسمي خلقهم أمواتاً إماتة ؟ قلت : كما صح : سبحان من صغر جسم البعوضة وكبر جسم الفيل ، وقولك للحفار ضيق فم الركية ووسع أسفلها ، وليس ثم نقل من كبر إلى صغر ، ولا من صغر إلى كبر ، ولا من ضيق إلى سعة ، ولا من سعة إلى ضيق ، وإنما أردت الإنشاء على تلك الصفات .
والسبب في صحته أن الصغر والكبر جائزان معاً على المصنوع الواحد من غير ترجيح لأحدهما ، وكذلك الضيق والسعة ، فإذا اختار الصانع أحد الجائزين ، وهو متمكن منهما على السواء ، فقد صرف المصنوع إلى الجائز الآخر ، فجعل صرفه عنه كنقله منه . انتهى .
يعني أن خلقهم أمواتاً ، كأنه نقل من الحياة وهو الجائز الآخر .
وظاهر { فاعترفنا بذنوبنا } أنه متسبب عن قبولهم .
{ ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } ، وثم محذوف ، أي فعرفنا قدرتك على الإماتة والإحياء ، وزال إنكارنا للبعث ، { فاعترفنا بذنوبنا } السابقة من إنكار البعث وغيره .
{ فهل إلى الخروج } : أي سريع أو بطيء من النار ، { من سبيل } : وهذا سؤال من يئس من الخروج ، ولكنه تعلل وتحير .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.