معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{لَوَّاحَةٞ لِّلۡبَشَرِ} (29)

{ لواحة للبشر } مغيرة للجلد حتى تجعله أسود ، يقال : لاحه السقم والحزن إذا غيره ، وقال مجاهد : تلفح الجلد حتى تدعه أشد سواداً من الليل . وقال ابن عباس وزيد بن أسلم : محرقة للجلد . وقال الحسن وابن كيسان : تلوح لهم جهنم حتى يروها عياناً نظيره قوله : { وبرزت الجحيم للغاوين }( الشعراء- 91 ) ، و " لواحة " رفع على نعت { سقر } في قوله : { وما أدراك ما سقر } والبشر جمع بشرة وجمع البشر أبشار .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{لَوَّاحَةٞ لِّلۡبَشَرِ} (29)

وقوله : لَوّاحَةٌ للبَشَر يعني جلّ ثناؤه مغيّرة لبشر أهلها واللوّاحة من نعت سقر ، وبالردّ عليها رُفعت ، وحسُن الرفع فيها ، وهي نكرة ، وسقر معرفة ، لما فيها من معنى المدح . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء ، جميعا عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد لَوّاحَةٌ للْبَشَر قال : الجلد .

حدثني أبو السائب ، قال : حدثنا أبو معاوية ، عن إسماعيل ، عن أبي رزين لَوّاحَةٌ للْبَشَر قال : تلفح الجلد لفحة ، فتدعه أشدّ سوادا من الليل .

حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، قال : حدثنا أبي وشعيب بن الليث ، عن خالد بن يزيد ، عن ابن أبي هلال ، قال : قال زيد بن أسلم لَوّاحَةٌ للْبَشَر : أي تلوّح أجسادهم عليها .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : لَوّاحَةٌ للْبَشَر أي حرّاقة للجلد .

حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : لَوّاحَةٌ للْبَشَر يقول : تحرق بشرة الإنسان .

حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : قال ابن زيد ، في قوله : لَوّاحَةٌ للْبَشَر قال : تغير البشر ، تحرق البشر يقال : قد لاحه استقباله السماء ، ثم قال : النار تغير ألوانهم .

حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا مهران ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن سميع ، عن أبي رزين لَوّاحَةٌ لِلْبَشَر غيرت جلودهم فاسودّت .

حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع ، عن سفيان ، عن إسماعيل بن سميع ، عن أبي رزين مثله .

حُدثت عن الحسين ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : أخبرنا عبيد ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : لَوّاحَةٌ للْبَشَر يعني بشر الإنسان ، يقول : تحرق بشره .

ورُوي عن ابن عباس في ذلك ما :

حدثني عليّ ، قال : حدثنا أبو صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، في قوله لَوّاحَةٌ للْبَشَر يقول : معرّضة .

وأخشى أن يكون خبر عليّ بن أبي طلحة ، عن ابن عباس هذا غلطا ، وأن يكون موضع معرّضة مغيّرة ، لكن صحّف فيه .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{لَوَّاحَةٞ لِّلۡبَشَرِ} (29)

وقوله تعالى : { لواحة للبشر } ، قال ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو رزين وجمهور الناس : معناه ، مغيرة للبشرات ، محرقة للجلود مسودة لها ، و «البشر » جمع بشرة ، وتقول العرب : لاحت النار الشيء إذا أحرقته وسودته ، وقال الشاعر [ الأعشى ] : [ الخفيف ]

لاحة الصيف والغيار وإشفا*** ق على سقبة كقوس الضال{[11428]}

وأنشد أبو عبيدة : [ الرجز ]

يا بنت عمي لاحني الهواجر{[11429]}*** وقال الحسن وابن كيسان : { لواحة } بناء مبالغة من لاح يلوح إذا ظهر ، والمعنى أنها تظهر للناس وهم البشر من مسيرة خمسمائة عام ، وذلك لعظمها وهولها وزفيرها . وقرأ عطية العوفي «لواحةً » بالنصب .


[11428]:البيت للأعشى وهو من قصيدته المعروفة "ما بكاء الكبير بالأطلال"، واستشهد صاحب اللسان في "سقب" و "ضيل" والضمير في "لاحه" يعود على حمار الوحش الذي ذكره في البيت السابق، ومعنى لاحه: غير لونه إلى سواد، يقال: لاحه السفر والبرد والسقم والحزن والعطش بمعنى غيره، والغيار: الغنيمة يأتي بها الإنسان لأهله، والمراد هنا أن الحمار الوحشي قد غيره الصيف والتعب في الغنيمة التي يأتي بها لرفيقه من الأتن وهي "السقبة" وفي الديوان بدلا من الغيار "الصيال"، والمراد: المواثبة والعراك مع غيره من الحمر دفاعا عن هذه الأتان، والسقبة: الجحشة التي لا تلد إلا ذكورا، أو تضع أكثر ما تضع من الذكور، وفي الديوان "صعدة" وهي الأتان أيضا، والضال: شجر السدر من شجر الشوك، وينبت في السهول والوعور، وقوس الضال إذا بريت جزلة ليكون أقوى لها، وإنما يحتمل ذلك منها لخفة عودها، ذكر ذلك في اللسان، ثم استشهد بالبيت على ذلك، يشبه الشاعر الأتان بهذا القوس بعد أن وصف حمار الوحش بالسواد والتغير من أجل دفاعه عنها.
[11429]:هذا عجز بيت استشهد به القرطبي أيضا، والبيت بتمامه: تقول ما لاحك يا مسافر يابنة عمي لا حني الهواجر والهواجر: جمع هاجرة وهي شدة الحر في وقت الظهيرة، تسأله ماذا غيرك أيها المسافر؟ فيقول لها: غيرني يا بنت عمي شدة الحر في وقت الظهيرة، والبيت أيضا في "مجاز القرآن" وفي "الألوسي".