فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَوَّاحَةٞ لِّلۡبَشَرِ} (29)

{ لَوَّاحَةٌ لّلْبَشَرِ } قرأ الجمهور : { لَوَّاحَةٌ } بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف .

وقيل : على أنه نعت لسقر ، والأوّل أولى . وقرأ الحسن وعطية العوفي ونصر بن عاصم وعيسى بن عمر وابن أبي عبلة وزيد بن عليّ بالنصب على الحال أو الاختصاص للتهويل ، يقال : لاح يلوح : أي ظهر ، والمعنى : أنها تظهر للبشر . قال الحسن : تلوح لهم جهنم حتى يرونها عياناً كقوله : { وَبُرّزَتِ الجحيم لِمَن يرى } [ النازعات : 36 ] . وقيل : معنى { لَوَّاحَةٌ لّلْبَشَرِ } أي مغيرة لهم ومسوّدة . قال مجاهد : والعرب تقول : لاحه الحر والبرد والسقم والحزن : إذا غيره ، وهذا أرجح من الأوّل ، وإليه ذهب جمهور المفسرين ، ومنه قول الشاعر :

وتعجب هند أن رأتني شاحبا *** تقول لشيء لوحته السمايم

أي غيرته ، ومنه قول رؤبة بن العجاج :

لوّح منه بعد بدن وشبق *** تلويحك الضامر يطوى للسبق

وقال الأخفش : المعنى أنها معطشة للبشر ، وأنشد :

سقتني على لوح من الماء شربة *** سقاها به الله الرهام الغواديا

والمراد بالبشر : إما جلدة الإنسان الظاهرة كما قاله الأكثر ، أو المراد به أهل النار من الإنس كما قال الأخفش .

/خ30